الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج ٢ - الصفحة ٤٩٤
في الناس فقال:
أما بعد أيها الناس فإني قد استنفرتكم فلم تنفروا (1)، ونصحت لكم فلم تقبلوا، فأنتم شهود كغياب، وصم ذوو أسماع، أتلو عليكم الحكمة، وأعظكم بالموعظة الحسنة، وأحثكم على جهاد عدوكم الباغين، فما آتي علي آخر منطقي حتى أراكم متفرقين أيادي سبا، فإذا أنا كففت عنكم عدتم إلى مجالسكم حلقا عزين (2) تضربون الأمثال، وتتناشدون الأشعار، وتسألون عن الأخبار، قد نسيتم الاستعداد للحرب، وشغلتم قلوبكم بالأباطيل، تربت أيديكم اغزوا القوم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزي قوم قط في عقر ديارهم إلا ذلوا، وأيم الله ما أراكم تفعلون حتى يفعلوا، ولوددت أني لقيتهم على نيتي وبصيرتي فاسترحت من مقاساتكم، فما أنتم إلا كابل جمة

1 - قال المصنف (ره) في أوائل كتابه هذا في باب استنفاره عليه السلام الناس بعد نقل روايات وخطب عنه عليه السلام بهذا المضمون: حدثنا بهذا الكلام عن قول أمير المؤمنين (ع) غير واحد من العلماء كتبناه في غير هذا الموضع) (أنظر ص 41).
أقول: كأن مراده - قدس سره - من (مما كتبه في غير هذا الموضع) ما أورده هنا لتقارب ما في المقامين وتشابه الخطب في الموردين.
2 - قال المجلسي (ره): (الحلق بفتح الحاء وكسرها وفتح اللام جمع حلقة وقال الجوهري: (العزة الفرقة من الناس، والهاء عوض من الياء والجمع عزى على فعل وعزون وعزون أيضا بالضم ومنه قوله تعالى: عن اليمين وعن الشمال عزين، قال الأصمعي:
يقال: في الدار عزون أي أصناف من الناس).
فليعلم أن قسمة معظمة من هذه الخطبة مذكورة في خطبة في نهج البلاغة في باب المختار من الخطب ذكرها السيد (ره) فيه تحت هذا العنوان: (ومن خطبة له عليه السلام في استنفار الناس إلى أهل الشام، وصدرها: (أف لكم لقد سئمت عتابكم أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضا؟.!، الخطبة (أنظر ج 1 من شرح النهج لابن أبي الحديد ص 177 - 178) وأيضا قسمة أخرى منها أوردها السيد (ره) في ذلك الباب تحت عنوان (ومن كلام له (ع) صدره: (ولئن أمهل الله الظالم) (أنظر ج 2 من شرح النهج، ص 183).
أما مقابلة القسمتين المشار إليهما مع ما في المتن من الخطبة وذكر ما بينها من اختلاف الكلمات والفقرات فأعرضنا عن ذلك لئلا يفضي الأمر إلى الإطناب فمن أراد المقابلة فليتصد لها.
(٤٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 ... » »»
الفهرست