ثم أمر الحارث الأعور الهمداني (1) فنادى في الناس: أين من يشري (2) نفسه لربه، ويبيع دنياه بآخرته، أصبحوا غدا بالرحبة إن شاء الله، ولا يحضرنا إلا صادق النية في المسير معنا والجهاد لعدونا، فأصبح بالرحبة نحو من ثلاثمائة (3) فلما عرضهم قال: لو كانوا ألفا كان لي فيهم رأي قال: وأتاه قوم يعتذرون وتخلف آخرون فقال: وجاء المعذرون (4) وتخلف المكذبون قال: ومكث أمير المؤمنين أياما باديا حزنه شديد الكآبة ثم إنه نادى في الناس فاجتمعوا، فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أما بعد أيها الناس فوالله لأهل مصركم في الأمصار أكثر من الأنصار في العرب (5) وما كانوا يوم أعطوا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يمنعوه ومن معه من المهاجرين حتى يبلغ رسالات ربه إلا قبيلتين (6) صغير (7) مولدهما وما هما بأقدم العرب (8) ميلادا ولا بأكثرهم عددا فلما آووا النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه ونصروا الله ودينه رمتهم العرب عن قوس واحدة (9)