(باب) * (تفسير ما يحل من النكاح وما يحرم والفرق بين النكاح والسفاح) * * (والزنا وهو من كلام يونس) * 1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار وغيره، عن يونس قال: كل زنا سفاح وليس كل سفاح زنا، لان معنى الزنا فعل حرام من كل جهة، ليس فيه شئ من وجوه الحلال، فلما كان هذا الفعل بكليته حراما من كل وجه كانت تلك العلة رأس كل فاحشة ورأس كل حرام، حرمه الله من الفروج كلها، وإن كان قد يكون فعل الزنا عن تراض من العباد وأجر مسمى ومؤاتاة منهم على ذلك الفعل، فليس ذلك التراضي منهم إذا تراضوا عليه من إعطاء الاجر من المؤاتاة على المواقعة حلالا وأن يكون ذلك الفعل منهم لله عز وجل رضى أو أمرهم به، فلما كان هذا الفعل غير مأمور به من كل جهة كان حراما كله وكان اسمه زنا محصنا لأنه معصية من كل جهة، معروف ذلك عند جميع الفرق والملل أنه عندهم حرام محرم غير مأمور به ونظير ذلك الخمر بعينها أنها رأس كل مسكر وأنها إنما صارت خالصة خمرا لأنها انقلبت من جوهرها بلا مزاج من غيرها صارت خمرا وصارت رأس كل مسكر من غيرها وليس سائر الأشربة كذلك لان كل جنس من الأشربة المسكرة فمشوبة ممزوج الحلال بالحرام ومستخرج منها الحرام، نظيره الماء الحلال الممزوج بالتمر الحلال والزبيب والحنطة والشعير وغير ذلك الذي يخرج من بينها شراب حرام وليس الماء الذي حرمه الله ولا التمر ولا الزبيب وغير ذلك إنما حرمه انقلابه عند امتزاج كل واحد بخلافه حتى غلا وانقلب، والخمر غلت بنفسها لا بخلافها فاشترك جميع المسكر في اسم الخمر وكذلك شارك السفاح الزنا في معنى السفاح ولم يشارك السفاح في معنى الزنا إنه زنا ولا في اسمه.
فأما معنى السفاح الذي هو غير الزنا وهو مستحق لاسم السفاح ومعناه فالذي هو من وجه النكاح مشوب بالحرام وإنما صار سفاحا لأنه نكاح حرام منسوب إلى الحلال