وأما وجه النكاح الصحيح السليم البريئ من الزنا والسفاح هو الذي غير مشوب بشئ من وجوه الحرام أو وجوه الفساد فهو النكاح الذي أمر الله عز وجل به، على حد ما أمر الله أن يستحل به الفرج التزويج والتراضي، على ما تراضوا عليه من المهر المعروف المفروض والتسمية للمهر والفعل، فذلك نكاح حلال غير سفاح ولا مشوب بوجه من الوجوه التي ذكرنا المفسدات للنكاح وهو خالص مخلص مطهر مبرأ من الأدناس وهو الذي أمر الله عز وجل به، والذي تناكحت عليه أنبياء الله وحججه وصالح المؤمنين من أتباعهم.
وأما الذي يتزوج من مال غصبه ويشتري منه جارية أو من مال سرقة أو خيانة أو كذب فيه أو من كسب حرام بوجه من الحرام فتزوج من ذلك المال تزويجا من جهة ما أمر الله عز وجل به فتزويجه حلال وولده ولد حلال غير زان ولا سفاح وذلك أن الحرام في هذا الوجه فعله الأول بما فعل في وجه الاكتساب الذي اكتسبه من غير وجه وفعله في وجه الانفاق فعل يجوز الانفاق فيه (1) وذلك أن الانسان إنما يكون محمودا أو مذموما على فعله وتقلبه، لا على جوهر الدرهم أو جوهر الفرج والحلال حلال في نفسه والحرام حرام في نفسه أي الفعل لا الجوهر لا يفسد الحرام الحلال والتزويج من هذه الوجوه كلها حلال محلل ونظير ذلك نظير رجل سرق درهما فتصدق به ففعله سرقة حرام وفعله في الصدقة حلال لأنهما فعلان مختلفان لا يفسد أحدهما الآخر إلا أنه غير مقبول فعله ذلك الحلال لعلة مقامه على الحرام حتى يتوب ويرجع فيكون محسوبا له فعله في الصدقة و كذلك كل فعل يفعله المؤمن والكافر من أفاعيل البر أو الفساد فهو موقوف له حتى يختم له على أي الامرين يموت فيخلوا به فعله لله عز وجل أكان لغيره إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا.