هذا الوجه أولاد زنا ومن قذف المولود من هؤلاء الذين ولدوا من هذا الوجه جلد الحد لأنه مولود بتزويج رشدة وإن كان مفسدا له بجهة من الجهات المحرمة والولد منسوب إلى الأب مولود بتزويج رشدة على نكاح ملة من الملل خارج من حد الزنا ولكنه معاقب عقوبة الفرقة والرجوع إلى الاستيناف بما يحل ويجوز.
فإن قال قائل: إنه من أولاد السفاح على صحة معنى السفاح لم يأثم إلا أن يكون يعني أن معنى السفاح هو الزنا.
ووجه آخر من وجوه السفاح من أتى امرأته وهي محرمة أو أتاها وهي صائمة أو أتاها وهي في دم حيضها أو أتاها في حال صلاتها وكذلك الذي يأتي المملوكة قبل أن يواجب صاحبها، والذي يأتي المملوكة وهي حبلى من غيره، والذي يأتي المملوكة تسبى على غير وجه السبا وتسبى وليس لهم أن يسبوا، ومن تزوج يهودية أو نصرانية أو عابدة وثن وكان التزويج في ملتهم تزويجا صحيحا إلا أنه شاب ذلك فساد بالتوجه إلى آلهتهم اللاتي بتحليلهم استحلوا التزويج فكل هؤلاء أبناؤهم أبناء سفاح إلا أن ذلك هو أهون من الصنف الأول وإنما إتيان هؤلاء السفاح إما من فساد التوجه إلى غير الله تعالى أو فساد بعض هذه الجهات وإتيانهن حلال ولكن محرف من حد الحلال وسفاح في وقت الفعل بلا زنا ولا يفرق بينهما إذا دخلا في الاسلام ولا إعادة استحلال جديد وكذلك الذي يتزوج بغير مهر فتزويجه جائز لا إعادة عليه ولا يفرق بينه وبين امرأته وهما على تزويجهما الأول إلا أن الاسلام يقرب من كل خير ومن كل حق ولا يبعد منه وكما جاز أن يعود إلى أهله بلا تزويج جديد أكثر من الرجوع إلى الاسلام، فكل هؤلاء ابتداء نكاحهم نكاح صحيح في ملتهم وإن كان إتيانهن في تلك الأوقات حراما للعلل التي وصفناها والمولود من هذه الجهات أولاد رشدة، لا أولاد زنا وأولادهم أطهر من أولاد الصنف الأول من أهل السفاح ومن قذف من هؤلاء فقد أوجب على نفسه حد المفتري لعلة التزويج الذي كان وإن كان مشوبا بشئ من السفاح الخفي من أي ملة كان أو في أي دين كان إذا كان نكاحهم تزويجا فعلى القاذف لهم من الحد مثل القاذف للمتزوج في الاسلام تزويجا صحيحا لا فرق بينهما في الحد وإنما الحد لعلة التزويج لا لعلة الكفر والايمان.