عنها فيسلموها ولا يتقدمون عليها فيفردوها، رحم الله امرءا واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللائمة ويأتي بدناءة (1) وكيف لا يكون كذلك وهو يقاتل الاثنين وهذا ممسك يده قد خلى قرنه على أخيه هاربا منه ينظر إليه وهذا فمن يفعله يمقته الله، فلا تعرضوا لمقت الله عز وجل فإنما ممركم إلى الله وقد قال الله عز وجل: (لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا (2)) وأيم الله لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيوف الآجلة (3) فاستعينوا بالصبر والصدق، فإنما ينزل النصر بعد الصبر، فجاهدوا في الله حق جهاده ولا قوة إلا بالله.
وقال (عليه السلام) حين مر براية لأهل الشام أصحابها لا يزولون عن مواضعهم فقال (عليه السلام):
إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم وضرب يفلق الهام و يطيح العظام ويسقط منه المعاصم (4) والأكف حتى تصدع جباههم بعمد الحديد وتنثر حواجبهم على الصدور والأذقان، أين أهل الصبر وطلاب الأجر؟! فسارت إليه عصابة من المسلمين فعادت ميمنته إلى موقفها ومصافها وكشفت من بإزائها، فأقبل حتى انتهى إليهم.
وقال (عليه السلام): إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم تحوزكم (5) الجفاة والطغاة وأعراب أهل الشام وأنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم وعمار الليل بتلاوة القرآن ودعوة أهل الحق إذ ضل الخاطئون فلولا إقبالكم بعد إدباركم وكركم بعد انحيازكم لوجب عليكم ما يجب على المولي يوم الزحف دبره وكنتم فيما أرى من الهالكين ولقد هون علي بعض وجدي وشفى بعض حاج صدري إذا رأيتكم حزتموهم كما حازوكم فأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم وأنتم تضربونهم بالسيوف حتى ركب أولهم أخرهم كالإبل