" عنصرا " من عناصر الممارسة الفقهية. أما المقارنة " المستقلة " و " الشاملة " فتأخذ حجما أصغر من الاهتمام الفقهي، حيث تسهم الظروف الاجتماعية في تضخيم أو تضئيل هذا الحجم، فيها لا يعنينا التحدث عنه الآن. ولكن يعنينا أن نشير إلى أن الفقهاء قديما وحديثا قد توفروا على هذا النمط من النشاط المقارن، وفي مقدمتهم " العلامة " حيث عرف بهذا النشاط من خلال قيامه بأبحاث ضخمة تناولت كلا من المقارنة داخل المذهب مثل:
" المختلف "، وخارج المذهب أيضا مثل: " التذكرة " - في نطاق محدد - بينا جاءت مقارنته خارج المذهب " شاملة " متجسدة في كتابه الذي نتحدث عنه " المنتهى " فيما أكسبه مزيدا من الأهمية العلمية التي آن لنا نعرض لخطوطه المنهجية.
ويمكننا عرض الخطوط لمنهجه المقارن، وفقا لما يلي:
1 عرض الأقوال:
تبدأ الخطوة الأولى من ممارساته بعرض الآراء الفقهية للمؤلف، أو وجهة النظر لفقهاء بعامة، أو أحد فقهائها، أو فقهاء المذاهب الأخرى، أو مطلق الفقهاء حسب ما يتطلبه سياق المسألة المطروحة حيث يتدخل مدى التوافق أو التخالف بين الآراء في منهجية العرض للأقوال. بيد أن الغالب يبدأ بوجهة نظر المؤلف طالما نعلم بأن هدف " المقارنة " أو مطلق الممارسات الفقهية ليس هو مجرد العرض للآراء بل تثبيت وجهة النظر الصائبة في تصور المؤلف. لذلك، فإن تثبيته وجهة نظره أولا، ثم عرض الآراء الأخرى، يظل خطوة منهجية لها مشروعيتها دون أدنى شك. كما أن إرداف وجهة نظره بأقوال فقهاء الطائفة يحمل نفس المشروعية ما دام هدف المقارنة - في أحد خطوطه - هو: إقناع " الجمهور " بصواب المذهب. لذلك، نجده بعد عرضه لوجهة نظره، ثم وجهة نظر فقهائنا، يتجه - في المرحلة الثالثة - إلى عرض وجهة نظر " الجمهور " وفي الحالات جميعا يلتزم المؤلف بالحياد العلمي من جانب، وبمتطلبات المنهج المقارن من جانب آخر، حيث يستقطب جميع الأقوال داخل المذهب وخارجه، على نحو ما نلحظه في الممارسة التالية مثلا، وهي تتناول مسح الرأس في عملية الوضوء: