أشرنا إليها حيث يمكن القول بأن خطوط التطور تظل ملحوظة لدى هذه الأسماء بشكل أو بآخر بما يواكبها من " أدوات أصولية " يشير إليها المؤرخون، أو ما وصل إلى أيدينا منه مثل:
" الرسالة الموجزة في الأصول " للمفيد، و " الذريعة " للمرتضى و " العدة " ل " الطوسي "، ومثل: " المقدمات التي كتبها " ابن زهرة " في " الغنية " و " المحقق " في " المعتبر ومن سواهم. وبالرغم من أن الأداة الأصولية - في مستوى النظرية - لا تعني أن الفقيه يمارس عملية " تطبيق " شاملة لمبادئ " الأصول " التي يصوغها، إلا أن انعكاسات ذلك على الممارسات الفقهية - ولو في نطاق محدود - يظل تعبيرا عن خطوط التطور الذي أشرنا إليه، ومن ثم يظل مؤشرا إلى مستويات التطور الفكري الذي يمكن ملاحظته لدى " العلامة " فيما يعد نقطة تحول ملحوظة في هذا الميدان.
أما الطابع الآخر، ونعني به: " المقارنة " فإن كلا من " المفيد " و " المرتضى " و " الطوسي " يمثلون أسماءا رائدة في هذا الصعيد، يمكن الذهاب إلى طبيعة الحياة الاجتماعية: سياسيا، ومذهبيا، وعلميا، مضافا إلى شخصياتهم الرائدة - من حيث كونهم ممثلين للمؤسسة المرجعية في قمة هرمها الاجتماعي - فرضت على الأسماء المشار إليها نوعا من النشاط الفقهي القائم على " المقارنة " بين المذهب الإمامي وبين المذاهب العامة الأخرى، حيث شهدت تلكم المذاهب أيضا نشاطا مماثلا فيما بينهما في صعيد المقارنة.
المهم أن نشاط فقهائنا في ميدان " المقارنة " تجسد بوضوح في مصنفات أشرنا إليها من نحو " الإنتصار " " الناصريات " " الخلاف " وما سواها من الكتب التي يشير إليها المؤرخون لدى المفيد والمرتضى والطوسي وغير هم، مما نلحظ شذرات منه في الأجيال اللاحقة أيضا.
لا شك، أن " العلامة " قد أفاد من الأسماء المذكورة، كما أنه تأثر ببعض خطوط مناهجهم في " المقارنة " و " الاستدلال " أيضا إلا أنه - في الحصيلة العامة - أضاف جديدا، كما هو طابع أية شخصية متميزة رائدة، بحيث تمتد في الماضي، وتصنع الحاضر وتقدم جديدا يترك أثره على اللاحق، بما تمتلكه من قدرة ذاتية على الكشف في ممارساتها العلمية، بحيث يقتادها ذلك إلى الإسهام في تطوير في المعرفة وأدواتها، بالنحو الذي نلحظه لدى " العلامة " في كتابه: " المنتهى " الذي نتحدث عنه، أو كتبه الأخرى التي تكشف عن