نظر، وليس تقليد سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه بأولى من تقليد من خالفه من الصحابة، ممن قد ذكرنا، كعمرو، وابن عمرو، وأبي موسى، وجابر، وابن عباس، والحكم ابن عمرو، وحذيفة وثعلبة بن زهدم، وأنس، وعبد الرحمن بن سمرة وغيرهم.
فان قيل: إن سهل بن أبي حثمة روي بعض تلك الأعمال وخالفه، ولا يجوز أن يظن به أنه خالف ما حضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لأمر علمه هو ناسخ لما رواه.
قلنا: هذا باطل، وحكم بالظن، وترك لليقين، وإضافة إلى الصاحب رضي الله عنه ما لا يحل أن يظن به، من أنه روى لنا المنسوخ وكتم الناسخ، ولا فرق بين قولكم هذا وبين من قال: لا يصح عنه أنه يخالف ما روى، فالداخلة إنما هي فيما روى منه مما أضيف إليه، لا فيما رواه هو عن النبي صلى الله عليه وسلم، واستدل على ذلك بأنه لا يجوز أن يخالف حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال على: ولسنا نقول: بشئ من هذين القولين، بل نقول: إن الحق أخذ رواية الراوي، لا أخذ رأيه، إذ قد يتأول فيهم، وقد ينسى، ولا يجوز البتة أن يكتم الناسخ ويروي المنسوخ.
ولا يجوز لهم أن يوهموا ههنا بعمل أهل المدينة، لان ابن عمر، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة والزهري مخالفون لاختيار مالك، وما وجدنا ما اختاره مالك عن أحد قبله إلا عن سهل بن أبي حثمة وحده. وبالله تعالى التوفيق.
ومنها قول رويناه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وإبراهيم النخعي، أخذ به أبو حنيفة وأصحابه إلا أن أبا يوسف رجع عنه، وهو أن يصفهم الامام صفين: طائفة خلفه، وطائفة بإزاء العدو، فيصلى بالتي خلفه ركعة بسجدتيها، فإذا أقام إلى الركعة الثانية وقف، ونهضت الطائفة التي صلت معه فوقفوا بإزاء العدو، وهم في صلاتهم بعد، ثم تأتى الطائفة التي كانت بإزاء العدو فتكبر خلف الامام، ويصلى بهم الامام الركعة الثانية له. وهي لهم الأولى، فإذا جلس وتشهد سلم، وتنهض الطائفة الثانية التي صلت معه الركعة الثانية، وهم في صلاتهم. فتقف بإزاء العدو، وتأتي الطائفة التي كانت صلت مع الامام الركعة الأولى فترجع إلى المكان الذي صلت فيه مع الامام، فتقضى فيه الركعة التي بقيت لها، وتسلم، ثم تأتى فتقف بإزاء العدو، وترجع الطائفة الثانية إلى المكان الذي صلت فيه مع الامام، فتقضي فيه الركعة التي بقيت لها إلا أن أبا حنيفة زاد من قبل رأيه زيادة لا تعرف من أحد من الأمة قبله، وهي أنه قال: تقضى الطائفة الأولى