من غيرها، ولا مسافرا، ولا عبدا من حر مقيم، ولا جاء قط عن أحد من الصحابة منع العبد من الإمامة فيهما، بل قد صح أنه كان عبد لعثمان رضي الله عنه أسود مملوك أميرا له على الربذة يصلى خلفه أبو ذر رضي الله عنه وغيره من الصحابة الجمعة وغيرها، لان الربذة بها جمعة.
وأما قولنا: كان هنالك سلطان أو لم يكن -: فالحاضرون من مخالفينا موافقون لنا في ذلك الا أبا حنيفة، وفى هذا خلاف قديم، وقد قلنا: لا يجوز تخصيص عموم أمر الله تعالى بالتجميع بغير نص جلى، ولا فرق بين الامام (1) في الجمعة والجماعة فيها وبين الامام (2) في سائر الصلوات والجماعة فيها، فمن أين وقع لهم رد الجمعة خاصة إلى السلطان دون غيرها؟.
وأما قولنا: تصلى الجمعة في أي قرية صغرت أم كبرت: فقد صح عن علي رضي الله عنه : لا جمعة ولا تشريق الا في مصر جامع، وقد ذكرنا خلاف عمر لذلك وخلافهم لعلى في غير ما قصة.
وقال مالك: لا تكون الجمعة إلا في قرية متصلة البنيان.
قال على: هذا تحديد لا دليل عليه، وهو أيضا فاسد، لان ثلاثة دور قرية متصلة البنيان، والا فلا بدله من تحديد العدد الذي لا يقع اسم قربة على أقل منه، وهذا ما لا سبيل إليه.
وقال بعض الحنيفيين: لو كان ذلك لكان النقل به متصلا.
فيقال له: نعم قد كان ذلك، حتى قطعه المقلدون بضلالهم عن الحق، وقد شاهدنا جزيرة (ميورقة) (3) يجمعون في قراها، حتى قطع ذلك بعض المقلدين لمالك، وباء باثم النهى عن صلاة الجمعة.
وروينا أن ابن عمر كان يمر على المياه وهم يجمعون فلا ينهاهم عن ذلك.
وعن عمر بن عبد العزيز: أنه كان يأمر أهل المياه أن يجمعوا، ويأمر أهل كل قرية لا ينتقلون بأن يؤمر عليهم أمير يجمع بهم.