الماشية مع أمهاتها -: قد كان فيهم بلا شك جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لان سفيان ذكر أن ذلك كان أيام عمر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه ولى الامر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين ونصف، وبقى عشر سنين، ومات بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث عشرة سنة وكانوا بالطائف، وأهل الطائف أسلموا قبل موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو عام ونصف ورأوه عليه السلام. فقد صح الخلاف في هذا من الصحابة رضي الله عنهم بلا شك، وإذا كان ذلك فليس قول بعضهم أولى من قول بعض، والواجب في ذلك ما افترضه الله تعالى إذ يقول (فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسل ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر).
والثالث أنه لم يرو هذا عن عمر من طريق متصلة إلا من طريقين: إحداهما من طريق بشر بن عاصم بن سفيان عن أبيه، وكلاهما غير معروف (1)، أو من طريق ابن لعبد الله ابن سفيان لم يسم. والثانية من طريق عكرمة بن خالد، وهو ضعيف (2).
والرابع أن الحنيفيين والشافعيين خالفوا قول عمر في هذه المسألة نفسها، فقالوا: لا يعتد بما ولدت الماشية إلا أن تكون الأمهات - دون الأولاد - عددا تجب فيه الزكاة، وإلا في تعد عليهم الأولاد، وليس هذا في حديث عمر.
والخامس أنهم لا يلتفتون (3) ما قد صح عن عمر رضي الله عنه بأصح من هذا الاسناد، أشياء لا يعرف له فيها مخالف من الصحابة رضي الله عنهم، إذا خالف رأى مالك وأبي حنيفة والشافعي، كترك الحنيفيين والشافعيين قول عمر: الماء لا ينجسه شئ، وترك الحنيفيين والمالكيين والشافعيين أخذ عمر الزكاة من الرقيق لغير التجارة، وصفة أخذه الزكاة من الخيل، وترك الحنيفيين إيجاب عمر الزكاة في مال اليتيم، ولا يصح خلافه عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم، وترك الحنيفيين والمالكيين امر عمر الخارص بأن يترك لأصحاب النخل ما يأكلونه لا يخرصه عليه، وغير هذا كثير جدا، فقد وضح ان احتجاجهم