كنت معتدا بالغذاء فخذ منه صدقته، قال عمر: فقل لهم (1): إنا نعتد بالغذاء كلها (2) حتى السخلة يروح بها الراعي على يده، وقل لهم: إني لا آخذ الشاة الأكولة ولا فحل الغنم ولا الربى ولا الماخض، ولكني آخذ العناق والجذعة والثنية، وذلك عدل بين غذاء المال وخياره (3).
وروينا هذا أيضا من طريق مالك عن ثور بن زيد عن ابن عبد الله بن سفيان (4) ومن طريق أيوب عن عكرمة بن خالد عن سفيان ما نعلم لهم حجة غير هذا.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه لوجوه.
أولها انه ليس من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حجة في قول أحد دونه.
والثاني أنه قد خالف عمر رضي الله عنه في هذا غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) كما حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا ابن الاعرابي ثنا الدبري عن عبد الرزاق عن مالك عن محمد بن عقبة عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: ان أبا بكر الصديق كان لا يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول.
حدثنا محمد بن سعيد بن نبات ثنا عبد الله بن نصر ثنا قاسم بن أصبغ ثنا محمد بن وضاح ثنا موسى بن معاوية ثنا وكيع عن سفيان الثوري عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين قالت: لا يزكي حتى يحول عليه الحول. تعنى المال المستفاد.
وبه إلى سفيان عن أبي إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال:
من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول.
وبه إلى سفيان عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر قال: من استفاد مالا فلا زكاة فيه (6) حتى يحول عليه الحول.
فهذا عموم من أبى بكر وعائشة وعلى وابن عمر رضي الله عنهم، لم يخصوا فائدة ماشية بولادة من سائر ما يستفاد، وليس لاحد أن يقول: إنهم لم يريدوا بذلك أولاد الماشية إلا كان كاذبا عليهم، وقائلا بالباطل الذي لم يقولوه قط.
وأيضا فان الذين حكى عنهم سفيان بن عبد الله أنهم أنكروا أن يعد عليهم أولاد