قال أبو محمد: في حديث ابن عمر كما ذكروا، وفى حديث أبي بكر الذي أوردنا (فان زادت) ولم يقل (واحدة) فوجدنا الخبرين جميعا متفقين على أنها ان زادت واحدة على مائة وعشرين شاة أو على مائتي شاة فقد انتقلت الفريضة، ووجدنا حديث أبي بكر يوجب انتقال الفريضة بالزيادة على المائة وعشرين وعلى المائتين، فكان هذا عموما لكل زيادة، وليس في حديث ابن عمر المنع من ذلك أصلا، فصار من قال بقولنا قد أخذ بالحديثين، فلم يخالف واحدا منهما، وصار من قال بخلاف ذلك مخالفا لحديث أبي بكر، مخصصا له بلا برهان (1). وبالله تعالى التوفيق وههنا أيضا خلاف آخر: وهو ما رويناه من طريق وكيع عن سفيان الثوري، ومن طريق محمد بن جعفر عن شعبة، ثم اتفق شعبة وسفيان كلاهما عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا زادت الغنم واحدة على ثلاثمائة ففيها أربع شياه إلى أربعمائة، فكل ما زادت واحدة فهو كذلك قال أبو محمد: ولا حجة في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد يلزم القائلين بالقياس - لا سيما المالكيين القائلين بان القياس أقوى من خبر الواحد، والحنيفيين القائلين بأن ما عظمت به البلوى لا يقبل فيه خبر الواحد -: أن يقولوا بقول إبراهيم، لأنهم قد أجمعوا على أن المائتي شاة إذا زادت واحدة فان الفريضة تنتقل ويجب فيها ثلاث شياه، فكذلك إذا زادت على الثلثمائة واحدة أيضا، فيجب ان تنتقل الفريضة، ولا سيما والحنيفيون قد قلدوا إبراهيم في أخذ الزكاة من البقرة الواحدة تزيد على أربعين بقرة، واحتجوا بأنهم لم يجدوا في البقر وقصا من تسعة عشر ان يقلدوه (2) ههنا ويقولوا: لم نجد في الغنم وقصا من مائة وثمان وتسعين شاة، لا سيما ومعهم ههنا في الغنم قياس مطرد، وليس معهم في البقر قياس أصلا، وكل ما موهوا به في البقر فهو لازم لهم فيما زاد على الثلثمائة من الغنم من قوله (3) تعالى: (خذ من أموالهم صدقة) ونحو ذلك. وهلا قالوا: هذا مما تعظم به البلوى فلو كان ذلك ما جهله إبراهيم؟
(٢٧١)