فان قالوا: إن خلاف قول إبراهيم قد جاء في حديث أبي بكر وخبر ابن عمر، وعن علي، وفى صحيفة ابن حزم قلنا: ليس شئ من هذه الأخبار الا وقد خالفتموها، فلم تكن حجة فيما خالفتموه فيه، وكان حجة عندكم فيما اشتهيتم، وهذا عجب جدا قال أبو محمد: وهذا كله خبط لا معنى له وإنما نريهم تناقضهم وتحكمهم في الدين بترك القياس للسنن إذا وافقت تقليدهم، وبترك السنن للقياس كذلك، وبتركهما جميعا كذلك واما من راعى في الشاة المأخوذة ما تجزئ في الأضحية - وهو أبو حنيفة - فقد أخطأ، لأنه لم يأت بما قال نص، ولا اجماع، فكيف وقد اجمعوا على اخذ الجذعة فما دونها في زكاة (1) الإبل، ولا تجزئ في الأضحية وأجازوا اخذ التبيع في زكاة البقر، ولا تجزئ في الأضحية وإنما قال عليه السلام لأبي بردة: (ولن تجزئ جذعة لاحد بعدك)، يعنى في الأضحية، لأنه عنها سأله، وقد صح النص (2) بايجاب الجذعة في زكاة الإبل، فصح يقينا أنه عليه السلام لم يعن إلا الأضحية. وبالله تعالى التوفيق وأما قولنا: إن كانت الغنم كلها كرائم أخذ منها برضا صاحبها، فلان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كرائم الغنم، وهذا في لغة العرب يقتضى أن يكون في الغنم - ولابد - ما ليس بكرائم، وأما إذا كانت كلها كرائم فلا يجوز أن يقال في شئ منها: هذه كرائم هذه الغنم، لكن يقال هذه كريمة من هذه الغنم الكرائم وقد روينا عن إبراهيم النخعي أنه قال: يؤمر المصدق أن يصدع الغنم صدعين (3) فيختار صاحب الغنم خير الصدعين ويأخذ المصدق من الآخر وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أنه قال: يفرق الغنم أثلاثا، ثلث خيار، وثلث رذال، وثلث وسط، ثم تكون الصدقة في الوسط (4) قال أبو محمد: هذا الا نص فيه، ولكن روينا من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال: لا يأخذ المصدق هرمة ولا ذات عوار ولا تيسا
(٢٧٢)