بدؤا (1)؟ ومن المانع ما ذكر منعه؟ هذا تخصيص منهم بالباطل وبما ليس في الخبر منه نص ولا دليل، ولو قيل لهم: بل في قوله عليه السلام: (فيما سقت السماء العشر) دليل على سقوط الخراج وبطلانه، إذ لو كان فيها خراج لذكره عليه السلام.
والعجب أيضا إسقاطهم الجزية بهذا الخبر عن أهل الخراج فأسقطوا فرضين من فرائض الاسلام برأي صاحب! - وهذا عجب جدا! وخالفوا ذلك الصاحب في هذه القضية نفسها، لأنه قد صح عنه إيجاب الجزية مع الخراج، فمرة يكون فعله حجة يخالف بها القرآن، وهم مع ذلك كاذبون عليه، فما روى عنه قط اسقاط الزكاة عما أصيب في أرض الخراج، ومرة لا يرونه حجة أصلا ومعه الحق.
فان قالوا: إن الصحابة أجمعوا على أخذ الخراج.
قيل لهم: والصحابة أجمعوا على أخذ الزكاة قبل إجماعهم على الخراج ومعه وبعده بلا شك، ولا عجب أعجب من إيجاب محمد بن الحسن الخراج عن المسلم في أرض الخراج إذا ملكها، وإسقاط الزكاة عنه وإيجابه الزكاة على اليهودي والنصراني إذا ملكا أرض العشر، واسقاط الخراج عنهما، وفاعل هذا متهم على الاسلام وأهله (2).
وقالوا: لا يجتمع حقان في مال واحد.
قال أبو محمد: كذبوا وافكوا؟ بل تجتمع حقوق لله تعالى في مال واحد، ولو أنها ألف حق، وما ندري من أين وقع لهم انه لا يجتمع حقان في مال واحد، وهم يوجبون الخمس في معادن الذهب والفضة والزكاة أيضا، إما عند الحول وإما في ذلك الوقت إن كان بلغ حول ما عنده من الذهب والفضة، ويوجبون أيضا الخراج في ارض المعدن إن كانت ارض خراج؟!.
ومن عجائب الدنيا تغليبهم الخراج على الزكاة، فأسقطوها به، تم غلبوا زكاة البر والشعير، والتمر، والماشية على زكاة التجارة، فأسقطوها بها، ثم غلبوا زكاة التجارة في الرقيق على زكاة الفطر، فأسقطوها بها، فمرة رأوا زكاة التجارة أوكد من الزكاة المفروضة،