فلما قدم المدينة رأى أبو سعيد فيما يرى النائم كأنه يكتب سورة ص، فلما أتى على السجدة سجدت الدواة والقلم والشجر وما حوله من شئ، قال: فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد فيها وترك النجم).
فهذا خبر لا يصح، لان بكرا لم يسمعه من أبي سعيد، والله أعلم ممن سمعه، إلا أنه قد صح (1) بطلان هذا الخبر بلا شك، لما رويناه آنفا من قول أبي هريرة: (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد بهم في النجم) وأبو هريرة متأخر الاسلام، إنما أسلم بعد فتح خيبر، وفى هذا الخبر أن ترك السجود فيها كان اثر قدومه عليه السلام المدينة، وهذا باطل.
وموهوا بخبر رويناه من طريق مطر الوراق يذكره عن ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد في المفصل مذ قدم المدينة) * وهذا باطل بحت، لما ذكرنا من حديث أبي هريرة، ولما نذكره اثر هذا إن شاء الله تعالى، وعلة هذا الخبر هو أن مطرا سيئ الحفط، ثم لو صح لكان المثبت أولى من النافي، ولا عمل أقوى من عمل عمر، وعثمان بحضرة الصحابة بالمدينة وبالله تعالى التوفيق.
وذكروا أحاديث مرسلة ساقطة، لا وجه للاشتغال بها لما ذكرنا.
وأما إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك فان عبد الرحمن بن عبد الله حدثنا قال ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا مسلم بن إبراهيم، ومعاذ بن فضالة قالا ثنا هشام الدستوائي عن يحيى - هو ابن أبي كثير - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال:
(رأيت أبا هريرة سجد في إذا السماء انشقت، فقلت: يا أبا هريرة، ألم أرك تسجد؟ قال:
لو لم أر النبي صلى الله عليه وسلم سجد لم أسجد بها).
ومن طريق مالك أيضا عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة بمثله.
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد ثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة قال: (سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك).