وهو لأبي داود من حديث ثوبان، ولابن ماجة من حديث شداد، وأبي هريرة، وهذا يزيد على رتبة المستفيض، قال ابن خزيمة: ثبتت الاخبار عنه (ص) بذلك، وقال أحمد: فيه غير حديث ثابت، وأصحها: حديث رافع، قال ابن المديني: أصح شئ في هذا الباب حديث ثوبان، وشداد، وصححهما أحمد والبخاري، وهو قول علي وابن عباس وأبي هريرة وعائشة، ورخص فيها أبو سعيد الخدري، وابن مسعود، وقاله أكثر العلماء، لما روى ابن عباس: أن النبي (ص) احتجم وهو صائم رواه البخاري، وجوابه: أن أحمد ضعفه في رواية الأثرم، لأن الأنصاري ذهبت كتبه في فتنة، فكان يحدث من كتب غلامه أبي حكيم، ثم لو صح فهو منسوخ، بدليل أن ابن عباس، وهو راويه، كان يعد الحجام والمحاجم قبل مغيب الشمس فإذا غابت احتجم كذلك. رواه الجوزجاني. ويحتمل أن يكون لعذر، لما روى أبو بكر بإسناده عن ابن عباس قال: احتجم النبي (ص) من شئ كان وجده. وأحاديثنا أكثر واعتضدت بعمل الصحابة، وهي قول، وحديثهم فعل، والقول مقدم لعدم عموم الفعل، واحتمال أنه خاص به. ونسخ حديثهم أولى، لأنه موافق لحكم الأصل، فنسخه يلزم منه مخالفة الأصل مرة واحدة، بخلاف نسخ حديثنا، لأنه يلزم مخالفة الأصل مرتين، فإن لم يظهر دم، فلا فطر. و (لا) فطر (إن جرح) الصائم (نفسه، أو جرحه غيره بإذنه، ولم يصل إلى جوفه) شئ من آلة الجرح، (ولو) كان الجرح (بدل الحجامة، ولا) فطر، (بفصد وشرط، ولا بإخراج دمه برعاف) لأنه لا نص فيه. والقياس لا يقتضيه. (أي ذلك) المذكور من الأكل والشرب، وما عطف عليهما، (فعل) الصائم (عامدا) أي قاصدا للفعل (ذاكرا لصومه مختارا) لفعله (فسد صومه، ولو جهل التحريم) لعموم ما سبق. (فلا يفطر غير قاصد الفعل، كمن طار إلى حلقه غبار ونحوه) كذباب. (أو ألقى في ماء فوصل إلى جوفه ونحوه) لأن غير القاصد غافل غير مكلف، وإلا لزم تكليف ما لا يطاق. (ولا) يفطر (ناس) لفعل شئ مما تقدم، لقوله (ص): عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
ولحديث أبي هريرة يرفعه: من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه متفق عليه. (فرضا كان الصوم أو نفلا) لعموم الأدلة، (ولا) يفطر (مكره،