كصرفه إلى المؤلفة قلوبهم. ولأنه يدفعه إلى الأسير، كفك رقبته من الأسر، أشبه ما يدفعه إلى الغارم، لفك رقبته من الدين. (قال أبو المعالي: ومثله لو دفع إلى فقير مسلم غرمه سلطان مالا، ليدفع جوره، ويجوز أن يشتري منها) أي الزكاة (رقبة يعتقها) روي عن ابن عباس. لعموم قوله تعالى: * (وفي الرقاب) * وهو متناول للقن، بل ظاهر فيه. فإن الرقبة تنصرف إليه إذا أطلقت، كقوله تعالى: * (فتحرير رقبة) * و (لا) يجوز أن يشتري من الزكاة (من يعتق عليه بالشراء، كرحم محرم) كأخيه وعمه. لان نفع زكاته عاد إلى رحمه المحرم، فلم يجز، كما لو دفعها إلى أبيه. (ولا إعتاق عبده أو مكاتبه عنها) أي عن الزكاة، ولو كان ماله عبيدا للتجارة لأن ذلك ليس إيتاء للزكاة، وهو بمنزلة إخراج العروض أو القيمة. (ومن أعتق من الزكاة) رقيقا (فما رجع من ولائه) إذا مات عن غير وارث يستغرق. (رد في عتق مثله في رواية) صححها في الانصاف. وقيل: وفي الصدقات أيضا. قدمه ابن تميم اه. قلت: يأتي في العتق، أنه إن كان المعتق رب المال، فالولاء له الحديث: إنما الولاء لمن أعتق (وما أعتقه الساعي من الزكاة) أو الامام منها (فولاؤه للمسلمين) لأنه نائب عنهم، (وأما المكاتب) إذا عتق بأدائه مال الكتابة من الزكاة (فولاؤه لسيده) للحديث. لأنه عتق بسبب كتابته. (ولا يعطى المكاتب لجهة الفقر. لأنه عبد) ما بقي عليه درهم. والعبد لا يعطى لفقره. (السادس: الغارمون) للنص. (وهم المدينون) كذا فسره الجوهري (المسلمون، وهم ضربان، أحدهما: من غرم لاصلاح ذات البين، ولو) كان الاصلاح (بين أهل ذمة، وهو) أي من غرم لاصلاح ذات البين، (من تحمل بسبب إتلاف نفس، أو مال أو يهب دية أو مالا، لتسكين فتنة وقعت بين طائفتين، ويتوقف صلحهم على من يتحمل ذلك) فيتحمله إنسان ثم يخرج في القبائل، فيسأل حتى يؤديه، فورد الشرع بإباحة المسألة فيه، وجعل لهم نصيبا من الصدقة، قال تعالى: * (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) * أي وصلكم، والبين: الوصل، والمعنى: كونوا مجتمعين على أمر الله تعالى، وعن قبيصة بن المخارق الهلالي قال: تحملت حمالة، فأتيت
(٣٢٣)