(فصل) فأما هدي التطوع وهو ما أوجبه بالتعيين ابتداء من غير أن يكون عن واجب في ذمته وما نحره توطعا من غير أن يوجبه فيستحب أن يأكل منه لقول الله تعالى (فكلوا منها) وأقل أحوال الامر الاستحباب، ولان النبي صلى الله عليه وسلم أكل من بدنه، وقال جابر كنا لا نأكل من بدننا فوق ثلاث فرخص لنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال " كلوا وتزودوا " فأكلنا وتزودنا. رواه البخاري، وإن لم يأكل فلا بأس فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما نحر البدنات الخمس قال " من شاء اقتطع " ولم يأكل منهن شيئا والمستحب أن يأكل اليسير منها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وله الاكل كثيرا والتزود كما جاء في حديث جابر، وتجزئه الصدقة باليسير منها كما في الأضحية، فإن أكلها ضمن المشروع للصدقة منها كما في الأضحية (فصل) وان أكل منها ما منع من أكله ضمنه بمثله لحما لأن الجميع مضمون عليه بمثله حيوانا فكذلك أبعاضه، وكذلك إن اعطى الجازر منها شيئا ضمنه بمثله، وإن أطعم غنيا منها على سبيل الهدية جاز كما يجوز له ذلك في الأضحية لأن ما ملك أكله ملك هديته، وإن باع شيئا منها أو أتلفه ضمنه بمثله لأن ممنوع من ذلك فأشبه عطيته للجازر، وإن أتلف أجنبي منه شيئا ضمنه بقيمته لأن المتلف من غير ذوات الأمثال فلزمته قيمته كما لو أتلف لحما لآدمي معين (فصل) والهدي الواجب بغير النذر ينقسم قسمين منصوص عليه. ومقيس على المنصوص، فأما المنصوص عليه (فأربعة) اثنان على الترتيب والواجب فيهما ما استيسر من الهدي وأقله شاة أو سبع بدنة (أحدهما) دم المتعة قال الله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم) (والثاني) دم الاحصار قال الله تعالى (فما استيسر من الهدي) وهو على الترتيب
(٥٦٦)