(الفصل الثاني) أن من فاته الحج يتحلل بطواف وسعي وحلاق هذا الصحيح من المذهب، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابنه وزيد بن ثابت وابن عباس وابن الزبير ومروان بن الحكم وهو قول مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وقال ابن أبي موسى في المسألة روايتان (إحداهما) كما ذكرنا (والثانية) يمضي في حج فاسد وهو قول المزني قال يلزمه جميع أفعاله لأن سقوط ما فات وقته لا يمنع ما لم يفت. ولنا قول من سمينا من الصحابة ولم نعرف لهم مخالفا فكان اجماعا، وروى الشافعي في مسنده أن عمر قال لأبي أيوب حين فاته الحج اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإن أدركت الحج قابلا فحج واهد ما استيسر من الهدي، وروي أيضا عن ابن عمر نحو ذلك، وروى الأثرم باسناده عن سليمان بن يسار أن هبار بن الأسود حج من الشام فقدم يوم النحر فقال له عمر ما حبسك؟
قال حسبت أن اليوم يوم عرفة قال فانطلق إلى البيت فطف به سبعا وإن كان معك هدية فانحرها ثم إذا كان عام قابل فاحجج فإن وجدت سعة فاهد، فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت إن شاء الله تعالى. وروى النجاد باسناده عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من فاته الحج فعليه دم وليجعلها عمرة وليحج من قابل " ولأنه يجوز فسخ الحج إلى العمرة من غير فوات فمع الفوات أولى. إذا ثبت هذا فإنه يجعل احرامه بعمرة وهذا ظاهر كلام الخرقي ونص عليه أحمد واختاره أبو بكر وهو قول ابن عباس وابن الزبير وعطاء وأصحاب الرأي، وقال ابن حامد لا يصير احرامه بعمرة بل يتحلل بطواف وسعي وحلق وهو مذهب مالك والشافعي لأن احرامه انعقد بأحد النسكين فلم ينقلب إلى الآخر كما لو أحرم بالعمرة، ويحتمل أن من قال يجعل احرامه عمرة أراد به يفعل ما فعل المعتمر وهو الطواف والسعي ولا يكون بين القولين خلاف، ويحتمل أن يصير احرام الحج احراما بعمرة بحيث يجزئه عن عمرة الاسلام إن لم يكن اعتمر ولو أدخل الحج عليها لصار قارنا إلا أنه لا يمكنه الحج بذلك