لأنه وجد سبب اتلافه منه ولم يعلم له سبب آخر، فوجب احالته على السبب المعلوم كما لو وقع في الماء نجاسة فوجده متغيرا تغيرا يصلح أن يكون منها فإننا نحكم بنجاسته، وكذلك لو رمى صيدا فغاب عن عينه ثم وجده ميتا لا أثر به غير سهمه حل أكله، وان صيرته الجناية غير ممتنع فلم يعلم أصار ممتنعا أم لا فعليه ضمان جميعه لأن الأصل عدم الامتناع (فصل) وإذا جرح صيدا فتحامل فوقع في شئ تلف به ضمنه لأنه تلف بسببه، وكذلك ان نفره فتلف في حال نفوره ضمنه فإن سكن في مكان وأمن من نفوره ثم تلف لم يضمنه، وقد ذكرنا وجها آخر أنه يضمنه في المكان الذي انتقل إليه لما روى الشافعي في مسنده عن عمر رضي الله عنه أنه دخل دار الندوة فألقى رداه على واقف في البيت فوقع عليه طير من هذه الحمام فأطاره فوقع على واقف فانتهزته حية فقتلته. فقال لعثمان بن عفان ونافع بن عبد الحارث إني وجدت في نفسي اني أطرته من منزل كان فيه آمنا إلى موقعه كان فيها حتفه فقال نافع لعثمان كيف ترى في غير تنبيه عقرا يحكم بها على أمير المؤمنين. فقال عثمان أرى ذلك فأمر بها عمر رضي الله عنه (فصل) وكما يضمن به الآدمي يضمن به الصيد من مباشرة أو بسبب، وما جنت عليه دابته بيدها أو فمها من الصيد فالضمان على راكبها أو قائدها أو سائقها وما جنت برجلها فلا ضمان عليه لأنه لا يمكن حفظ رجلها، وقال القاضي يضمن السائق جميع جنايتها لأن يده عليها ويشاهد رجلها، وقال ابن عقيل لا ضمان عليه في الرجل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الرجل جبار " وان انقلبت فأتلفت صيدا لم يضمنه لأنه لا يدله عليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " العجماء جبار " وكذلك لو أتلفت آدميا لم يضمنه ولو نصب المحرم شبكة أو حفر بئرا فوقع فيها صيد ضمنه لأنه بسببه كما يضمن الآدمي إلا أن يكون حفر البئر بحق كحفره في داره أو في طريق واسع ينتفع بها المسلمون فينبغي أن لا يضمن ما تلف
(٥٣٩)