ولنا ما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر إلى الحجر وفي مسلم عن جابر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر حتى انتهى إليه وهذا يقدم على حديث ابن عباس لوجوه (منها) أن هذا اثبات ومنها أن رواية ابن عباس إخبار عن عمرة القضية وهذا اخبار عن فعل في حجة الوداع فيكون متأخرا فيجب العمل به وتقديمه (الثالث) أن ابن عباس كان في تلك الحال صغيرا لا يضبط مثل وجابر وابن عمر كانا رجلين يتبعان أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ويحرصان على حفظها فهما أعلم ولان جلة الصحابة عملوا بما ذكرنا ولو علموا من النبي صلى الله عليه وسلم ما قال ابن عباس ما عدلوا عنه إلى غيره ويحتمل أن يكون ما رواه ابن عباس اختص بالذين كانوا في عمرة القضية لضعفهم والابقاء عليهم وما رويناه سنة في سائر الناس (فصل) يستحب الدنو من البيت لأنه هو المقصود فإن كان قرب البيت زحام فظن أنه إذا وقف لم يؤذ أحدا وتمكن من الرمل وقف ليجمع بين الرمل والدنو من البيت وان لم يظن ذلك وظن أنه إذا كان في حاشية الناس تمكن من الرمل فعل وكان أولى من الدنو وإن كان لا يتمكن من الرمل أيضا أو يختلط بالنساء فالدنو أولى ويطوف كيف ما أمكنه وإذا وجد فرجة رمل فيها وان تباعد من البيت في الطواف أجزأه ما لم يخرج من المسجد سواء حال بينه وبين البيت حائل من قبة أو غيره أو لم يحل لأن الحائل في المسجد لا يضر كما لو صلى في المسجد مؤتما بالإمام من وراء حائل وقد روت أم سلمة قالت شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي فقال " طوفي من وراء الناس وأنت راكبة " قالت فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلى إلى جنب البيت متفق عليه (مسألة) قال (ولا يرمل في جميع طوافه الا هذا) وجملة ذلك أن الرمل لا يسن في غير الأشواط الثلاثة الأول من طواف القدوم أو طواف العمرة فإن ترك الرمل فيها لم يقضه في الأربعة الباقية لأنها هيئة فات موضعها فسقطت كالجهر في الركعتين الأولتين ولان المشي هيئة في الأربعة كما أن الرمل هيأة في الثلاثة فإذا رمل في الأربعة الأخيرة كان
(٣٨٨)