تاركا للهيأة في جميع طوافه كتارك الجهر في الركعتين الأولتين من العشاء إذا جهر في الآخرتين ولا يسن الرمل والاضطباع في طواف سوى ما ذكرنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إنما رملوا واضطبعوا في ذلك وذكر القاضي أن من ترك الرمل والاضطباع في طواف القدوم أتى بهما في طواف الزيارة لأنهما سنة أمكن قضاؤها فتقضى كسنن الصلاة وهذا لا يصح لما ذكرنا فيمن تركه في الثلاثة الأول لا يقضيه في الأربعة وكذلك من ترك الجهر في صلاة الجهر لا يقضيه في صلاة الظهر ولا يقتضي القياس أن تقضي هيأة عبادة في عبادة أخرى قال القاضي ولو طاف فرمل واضطبع ولم يسع بين الصفا والمروة فإذا طاف بعد ذلك للزيارة رمل في طوافه لأنه يرمل في السعي بعده وهو تبع للطواف فلو قلنا لا يرمل في الطواف أفضى إلى أن يكون التبع أكمل من المتبوع، وهذا قول مجاهد والشافعي وهذا لا يثبت بمثل هذا الرأي الضعيف فإن المتبوع لا تتغير هيأته تبعا لتبعه ولو كانا متلازمين لكان ترك الرمل في السعي تبعا لعدمه في الطاف أولى من الرمل في الطواف تبعا للسعي (فصل) فإن ترك الرمل في شوط من الثلاثة الأول أتى به في الاثنين الباقيين وان تركه في اثنين أتى به في الثالث كذلك قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وان تركه في الثلاثة سقط لأن تركه للهيأة في بعض محلها لا يسقطها في بقية محلها كتارك الجهر في إحدى الركعتين الأولتين لا يسقطه في الثانية.
(مسألة) قال (وليس على أهل مكة رمل) وهذا قول ابن عباس وابن عمر رحمة الله عليهما وكان ابن عمر إذا أحرم من مكة لم يرمل وهذا لأن الرمل إنما شرع في الأصل لاظهار الجلد والقوة لأهل البلد وهذا المعنى معدوم في أهل البلد والحكم فيمن أحرم من مكة حكم أهل مكة لما ذكرنا عن ابن عمر ولأنه أحرم من مكة أشبه أهل البلد، والمتمتع إذا أحرم بالحج من مكة ثم عاد وقلنا يشرع في حقه طواف القدوم لم يرمل فيه قال أحمد ليس على أهل مكة رمل عند البيت ولا بين الصفا والمروة (مسألة) قال (ومن نسي الرمل فلا إعادة عليه) إنما كان كذلك لأن الرمل هيأة فلا يجب بتركه إعادة ولا شئ كهيآت الصلاة وكالاضطباع في