لأن الطواف للمحمول لا للحامل ولذلك صح أن يطوف راكبا على بعير وتعتبر النية في الطائف به فإن لم ينو الطواف عن الصبي لم يجزئه لأنه لما لم تعتبر النية من الصبي اعتبرت من غيره كما في الاحرام، فإن نوى الطواف عن نفسه وعن الصبي احتمل وقوعه عن نفسه كالحج إذا نوى به عن نفسه وغيره واحتمل أن يقع عن الصبي كما لو طاف بكبير ونوى كل واحد منهما عن نفسه لكون المحمول أولى، واحتمل أن يلغو لعدم التعيين لكون الطواف لا يقع عن غير معين وأما الاحرام فإن الصبي يجرد كما يجرد الكبير، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها انها كانت تجرد الصبيان إذا دنوا من الحرم قال عطاء يفعل بالصغير كما يفعل الكبير ويشهد به المناسك كلها الا أنه لا يصلى عنه (الفصل الثالث في محظورات الاحرام) وهي قسمان ما يختلف عمده وسهوه كاللباس والطيب وما لا يختلف كالصيد وحلق الشعر وتقليم الأظفار (فالأول) لا فدية على الصبي فيه لأن عمده خطأ (والثاني) عليه فيه الفدية وان وطئ أفسد حجه ويمضي في فاسده وفي القضاء عليه وجهان (أحدهما) لا يجب لئلا تجب عبادة بدنية على من ليس من أهل التكليف (والثاني) يجب لأنه افساد موجب للفدية فأوجب القضاء كوطئ البالغ فإن قضى بعد البلوغ بدأ بحجة الاسلام فإن أحرم بالقضاء قبلها انصرف إلى حجة الاسلام وهل تجزئه عن القضاء؟ ينظر فإن كانت الفاسدة قد أدرك فيها شيئا من الوقوف بعد بلوغه أجزأ عنهما جميعا وإلا لم يجزئه كما قلنا في العبد على ما مضى (الفصل الرابع فيما يلزمه من الفدية) قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن جنايات الصبيان لازمة لهم في أموالهم وذكر أصحابنا في الفدية التي تجب بفعل الصبي وجهين أحدهما هي في ماله لأنها وجبت بجنايته اشبهت الجناية على الآدمي والثاني على الولي وهو قول مالك لأنه حصل بعقده أو اذنه فكان عليه كنفقة حجه فاما النفقة فقال القاضي ما زاد على نفقة الحضر ففي مال الولي لأنه كلفه ذلك ولا حاجة به إليه وهذ اختيار أبي الخطاب وحكي عن القاضي أنه ذكر في الخلاف أن النفقة كلها على الصبي لأن الحج له فنفقته عليه كالبالغ ولان فيه مصلحة له بتحصيل الثواب له ويتمرن عليه فصار كاجر المعلم والطبيب والأول أولى فإن الحج لا يجب في العمر الا مرة ويحتمل أن لا يجب فلا يجوز تكليفه بذل ماله من غير حاجة إليه للتمرن عليه والله أعلم (فصل) إذا أغمي على بالغ لم يصح أن يحرم عنه رفيقه وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة يصح ويصير محرما باحرام رفيقه عنه استحسانا لأن ذلك معلوم من قصده ويلحقه مشقة في تركه فأجزأ عنه احرام غيره ولنا أنه بالغ فلم يصر محرما باحرام غيره كالنائم ولو أنه أذن في ذلك وأجازه لم يصح فمع عدم هذا أولى أن لا يصح
(٢٠٥)