ولا بعيد ولا للنسخ لما سيأتي إن شاء الله تعالى وهي مع ذلك كالمتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أعني ما يدل على النهى عن ربا الفضل ولا تستبعدن دعوى التواتر فيها فمن تتبع الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم حصل له العلم بذلك أو كاد * قال الطحاوي بعد أن ذكر ما رواه من الأحاديث فثبت بهذه الآيات المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهى عن بيع الفضة بالفضة والذهب بالذهب متفاضلا وسأعقد فصلا جامعا أشير فيه إلى أطراف الروايات في ذلك وإذا كان في المسألة نصوص قطعية المتن قطعية الدلالة لم يكن مظان للاجتهاد بل الحق فيها واحد قطعا غاية الأمر ان المجتهد المخالف لم يطلع عليها والتواتر قد يحصل في حق شخص ولا يصحل في حق آخر فإذا خاف مجتهد لعدم اطلاعه على مثل هذه النصوص يكون معذورا في مخالفته إلى حيث يطلع على النص ولا يحل العمل بقوله ذلك ولا يقلده فيه وينقض الحكم به * ولو لم تتصل إلى حد التواتر مع صراحة دلالتها كان الحكم كذلك والله أعلم * (فان قلت) ليس القول بذلك خاليا عن وجه وغاية الامر ان الأحاديث المقتضية لتحريم ربا الفضل صحيحة صريحة لكن الأحاديث المقتضية لجوازه أيضا كذلك كما سيأتي وقد مضى شئ منه والترجيح معنا القرآن وقوله تعالى (وذروا ما بقي من الربا) يبين ان الذي نهى عنه ما كان دينا وكذلك كانت العرب تعقد في لغتها وقد دل النبي صلى الله عليه وسلم على أن النقد ليس للربا المتعارف عند أهل اللسان بقوله (ولا تبيعوا الذهب بالذهب) الحديث فسماه بيعا وقد قال تعالى (ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا) فذم من قال إنما البيع مثل الربا ففي تسمية النبي صلى الله عليه وسلم لزيادة في الأصناف بيعا دليل على أن الربا في النساء لا في غيره (قلت) أما التعارض فسنبين إن شاء الله تعالى الجواب عنه ووجه الجمع بينهما بأوضح شئ يكون وكون الآية الكريمة وردت في تحريم نوع من الربا ان سلم اقتصارها على لا يدل على نفى غيره والتعلق بكون ذلك يسمى بيعا لا ربا تعلق بالألفاظ مع تصريح الأحاديث بالنهي والتحريم واثبات الربا فيه ومثل هذه التعلقات الضعيفة يجل ابن عباس ومن واقفه من الأئمة المجتهدين عن التعلق بها ولو لم أرها مذكورة ولكن أبا الحسن ابن المعلس ذكرها عن القائلين بذلك والله سبحانه وتعالى أعلم *
(٤٦)