المسانيد رويناه في سند علي بن حميد من حديث ابن الزبير عن عمر ورواه النسائي باسناد صحيح من حديث جابر بن سمرة عن عمر وقال الترمذي حسن صحيح غريب من هذا الوجه وذكره الدارقطني في العلل وذكر فيه اضطرابا لكنه غير قادح وفى مسند الإمام الجليل عبد الله بن سعيد ابن المسيب قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان يهم بالواحد ويهم بالاثنين فإذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم) صحيح إلى سعيد وهو من مرسلاته وفى معناهما قوله صلى الله عليه وسلم (الواحد شيطان والاثنان شيطانان والثلاثة ركب) رواه أبو داود والنسائي بلفظ الراكب وروي من طريق ابن وهب قال حدثني أبو فهر قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسبع الأقلون من العلماء الأكثرون) وهذا مرسل باطل بلا شك ولذلك تمسكوا بأن مخالفة الواحد والاثنين شذوذ والشذوذ منهي عنه وبإنكار الصحابة على ابن عباس في هذه المسألة أعني ربا الفضل وأجاب الأصحاب وغيرهم عن الأول أن المراد به الشاذ أو الخارج عن الإمام بمخالفة الأكثر على وجه يثير الفتنة وعن الحديث الثاني بأنه محمول على السفر وفى ذلك ورد فان الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عمرو بن العاص أن رجلا قدم من سفر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من صحبك قال ما صحبت أحدا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب) كذا رواه ابن وهب في مسنده وهكذا لفظ أبى داود والنسائي فان الحديث فيهما بلفظ الراكب لا بلفظ الواحد وعن كون ذلك شذوذا بأن الشاذ عبارة عن الخارج من الجماعة بعد الدخول فيها وأما الذي لا يدخل أصلا فلا يسمى شاذا وعن الانكار على ابن عباس بأنهم إنما أنكروا ذلك لمخالفته خبر أبي سعيد لا للاجماع والله أعلم (وأما) من فرق بين عدد التواتر وغيره فهو يناسب طريقة من جعل مأخذ الاجماع حكم العادة باستحالة الخطأ على الجمع العظيم وهو بعيد (وأما) من فرق بين ان تسوغ الجماعة الاجتهاد في ذلك الحكم أولا فضعيف لأن قول الجماعة غير المخالف إن لم يكن حجة فلا اثر لتسويغهم وعدمه وإن كان حجة فهو محل النزاع فليس انكارهم عليه بأولى من إنكاره عليهم نعم ههنا امر يجب التنبه له وهو ان الخلاف المعتد به هو الخلاف في مظان الاجتهاد كالمسائل التي لا نص فيها أو فيها نص غير صريح وبالجملة ما يكون الخلاف فيه له وجه محتمل (واما) هذه المسألة فان النصوص التي فيها صريحة غير قابلة للتأويل بوجه قريب
(٤٥)