وهذا ظاهر على طريقة من يرى إسناد الاجماع إلى النصوص وهي طريقة الشافعي وكثير من أصحابه منهم المصنف وأبى حامد الغزالي ومن تبعه وإن كان بين طريقة الشافعي وطريقة الغزالي خلاف يسير فان الشافعي يرى التمسك بالكتاب بآيات من جملتها قوله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين) الآية ويقال إنه قرأ القرآن ثلاث مرات حتى وجد هذه الآية وانه أول من احتج بها فذكرها للرشيد حين طلب منه حجة من القرآن على الاجماع والغزالي رحمه الله يقول التمسك بقوله صلى الله عليه وسلم (لا تجتمع أمتي على خطأ) ونظائره لكونه من حيث اللفظ أدل على المقصود وكذلك القاضي أبو بكر بن الباقلاني والكلام في ذلك مستوفى في أصول الفقه فعلى طريقة هؤلاء متى خالف واحد لم يصدق على الباقين أنهم كل الأمة حقيقة فلا تتناولهم النصوص الشاهدة بالعصمة (واما) على طريقة من يرى اسناد الاجماع إلى جهة قضاء العادة باستحالة اجماع الخلق العظيم على الحكم الواحد الا لدلالة أو أمارة وهو الذي عول عليه امام الحرمين وابن الحاجب فيصعب على هذا المسلك تقرير ان مخالفة الواحد للجم الغفير والخلق العظيم يقدح في اجماعهم فإنهم بالنظر إليهم دونه تقضى العادة باستحالة اجماعهم على ما لا دليل عليه ولا امارة فأي فائدة لوفاقه أو خلافه وكذلك إذا فرضنا أن مجموع علماء الأمة لا يبلغون مبلغا تقضى العادة باستحالة اجتماعهم على ذلك ينبغي على هذا المسلك أن لا يكون قول كلهم حجة ولهذا قال إمام الحرمين ان اجماع المنحطين عن رتبة التواتر ليس بحجة بناء على أن مأخذ الاجماع يستند إلى اطراد العادة ومع ذلك وافق على أن مخالفة الواحد والاثنين يقدح في الاجماع والطريقة الصحيحة هي التي عول عليها الشافعي وأكثر الأصحاب وهي التمسك بدليل السمع فلذلك خلاف الواحد والاثنين قادح في صحة الاجماع وقد اشتهر الخلاف في ذلك عن ابن جرير الطبري قال إنه يكون اجماعا يجب على ذلك المخالف الرجوع إليه ووافقه أبو بكر أحمد بن علي الرادي من الحنفية وأبو الحسين الخياط من المعتزلة وابن جرير بن منداد من المالكية ثم اختلف النقل عن ابن جرير فيما زاد عن الاثنين ففي شرح اللمع للمصنف أبى اسحق انه إذا خالف
(٤٢)