ويخص ذلك بالقولي واما السكوتي فيعتبر فيه انقراض العصر وهو الذي قاله البندنيجي واختيار الأستاذ أبى اسحق ومقتضى كلام المصنف في اللمع وفصل إمام الحرمين بين أن يكون الاجماع مقطوعا به فلا يعتبر انقراض أو يتفقوا على حكم ويسندوه إلى ظن فلا ينبرم ما لم يطل الزمان * إذا عرف ذلك فإن لم يعتبر انقرض العصر فهل يجوز الاجماع بعد الاختلاف قيل إنه ممتنع لأنه ينافي ما أجمعوا عليه أولا من تجويز الاخذ بكل واحد من القولين نسب هذا القول إلى الصيرفي وأحمد بن حنبل وأبى الحسن الأشعري ومال إليه الغزالي وداود وإمام الحرمين على امتناعه لكن لمدرك آخر وهو أن ذلك مستحيل إعادة والغزالي ومن وافقه يقولون إنه يستحيل سمعا وقيل يجوز وإذا وقع لا يكون حجة وهو بعيد وقيل يجوز ويكون حجة تحرم مخالفته وهو المختار فتلخص من هذا أن الاتفاق بعد الاختلاف في العصر الواحد حجة واجماع على المختار وهو الذي أطلقه طوائف من الأصوليين والفقهاء والمنقول عن القاضي أبى بكر أنه لا يكون إجماعا والأول هو الحق الذي لا يتجه غيره والقول بأنهم بالاختلاف أجمعوا على تجويز الاخذ بكل واحد من القولين ممنوع وهو قول باطل لم يقم عليه دليل والله أعلم * واعلم أن دعوى هذين الاجماعين بعيدة لما قدمته من جهة النقل وأيضا فلو سلم أن ابن عباس وجميع الصحابة صح رجوعهم فقد لحق زمان ابن عباس جماعة من أصحابه ممن وافقه على ذلك ولم ينقل عنه رجوع والصحيح المختار أن قول التابعي الذي نشأ في عصر الصحابة وصار من أهل الاجتهاد قبل اجماعهم لا ينعقد اجماعهم بدونه وهذا قول أكثر أصحابنا وهو المنسوب إلى الحنفية وأكثر الحنابلة وأكثر المتكلمين وقال بعض أصحابنا المتكلمين والقاضي من الحنابلة لا يعتد به وأومأ أحمد إلا القولين والحق أنه يعتد به (والثاني) قول ضعيف جدا فان كثيرا من فقهاء التابعين ماتوا في عصر الصحابة منهم علقمة ومسروق وشريح وسلمان بن ربيعة والأسود وسعيد بن المسيب رضي الله عنهم وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وخلائق لا يحصون وهؤلاء الذين سميت من علية الفقهاء وأئمة المجتهدين وعصر الصحابة وعصر التابعين متداخلان فان عصر التابعين ابتداؤه من قبل الهجرة وكل من سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يره بالمدينة الذين أسلموا على يدي أهل العقبة الأولى واليمن والبحرين وعمان والطائف والحبشة وغيرها يعد من التابعين فمن المستحيل أن يقال إن هؤلاء كلهم لا يعتد بقول أحد ممن تفقه منهم ووصل إلى رتبة الاجتهاد
(٤٨)