قوله أولا ورجوعه ثانيا والحمد لله (وأما ابن عمر) فقد تقدم رجوعه في الرواية التي دلت على قوله وان ذلك في صحيح مسلم واشتهر عنه بعد ذلك من طرق كثيرة قوله بالتحريم ومبالغته في ذلك في روايات صحيحة صريحة ولم يكن قوله الأول قد اشتهر عنه ولعله لم يستقر رأيه عليه زمانا بل رجع عنه قريبا والله تعالى أعلم (وأما) أسامة وزيد بن أرقم والبراء بن عازب وعبد الله بن الزبير فقد تقدم التوقف في صحة ذلك عنهم (وأما) معاوية فقد تقدم أنه غير قائل بقول ابن عباس مع شذوذ ما قال به أيضا والظن به لما كتب إليه عمر رضي الله عنه انه يرجع عن ذلك (وأما) التابعون فلم ينقل في رجوعهم شئ فيما علمت والله تعالى أعلم غير أنى أقول إن الظن بكل من سمع من الصحابة ومنهم هذه الأحاديث الصريحة الصحيحة في تحريم ربا الفضل أن يرجع إليها والله تعالى أعلم * (الفصل الثالث) في بيان انقراض الخلاف في ذلك ودعوى الاجماع فيه * قال ابن المنذر أجمع عوام الأمصار مالك بن أنس ومن تبعه من أهل المدينة وسفيان الثوري ومن وافقه من أهل العراق والأوزاعي ومن قال بقوله من أهل الشام والليث بن سعد ومن وافقه من أهل مصر والشافعي وأصحابه وأحمد واسحق وأبو ثور والنعمان ويعقوب ومحمد بن علي انه لا يجوز بيع ذهب بذهب ولا فضة بفضة ولا بر ببر ولا شعير بشعير ولا تمر بتمر ولا ملح بملح متفاضلا يدا بيد ولا نسيئة وان من فعل ذلك فقد أربى والبيع مفسوخ قال وقد روينا هذا القول عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجماعة يكثر عددهم من التابعين (قلت) وممن قال بذلك من الصحابة أربعة عشر منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وسعد وطلحة والزبير روى مجاهد عنهم الأربعة عشر أنهم قالوا الذهب بالذهب والفضة بالفضة وأربو الفضل وروى ذلك ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن فضيل عن ليث وهو ابن أبي سليم عن مجاهد وهؤلاء السبعة من العشرة المشهود لهم بالجنة وممن صحح ذلك عنه أيضا غير هؤلاء السبعة عبد الله بن عمر وأبو الدرداء وروى عن فضالة بن عبيد وقد تقدم كلام أبي سعيد وأبى أسيد وعبادة وقد رويت أحاديث تحريم ربا الفضل من جهة غيرهم من الصحابة والظاهر أنهم قائلون بها لعدم قبولها للتأويل والله أعلم * وقال الترمذي بعد ذكره حديث أبي سعيد والعمل به على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلا ما روي عن ابن عباس وكذلك روى عن بعض
(٤٠)