وسلم وما في معناه كل ذلك واحد ثم تارة يجعلون المقصود فساد البيع عند عدم المماثلة التي هي واجبة قال هؤلاء لأن الكلام المقيد بالاستثناء يصير عبارة عن ما وراء المستثنى وكلهم يحومون على جعل المعنى كلاما واحدا ولذلك يبنون كلامهم في باب الربا على حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربا) رواه مسلم رحمه الله تعالى فلم يأت في هذا اللفظ صيغة نهى واستثناء فكان المعنى الحكم بايجاب المماثلة قالوا ولا يتصور الحكم بدون محله ومحله المماثلة وهو القابل لها فعرفنا أن المحل الذي لا يقبل المماثلة في الكيل اجماعا * والجواب عن هذا أن كلا من خبر أبي سعيد وخبر عبادة ورد بلفظ الاثبات فقط وورد بلفظ النهى والاستثناء وألفاظهما بذلك كلها في الصحيح ولا تنافى بينهما واللفظ الذي فيه نفى واثبات فيه زيادة على ما فيه اثبات فقط فيجب العمل بمقتضاه ودعواهم أن النهى والاستثناء في معنى كلام واحد وهو النهى عما وراء المستثنى فقط وايجاب المستثنى فقط ممنوعة ولا دليل عليها وفيها تعطيل لبعض مدلول الكلام فهذه قاعدة مهمة ينبغي الاعتناء بها فمن أتقنها وأتقن تحقيق العلة في الربويات * وهل الجنس وصف في العلة أو شرط فيها أو محل لها وحقق النظر في الأجناس فقد أحاط علما بجميع أصول هذا الباب ولولا خوف الإطالة لأمعنت الكلام في هذه القاعدة أكثر من هذا ولكني أرجو أن يكون فيما ذكرته كفاية وسوف أعود إليها عند الكلام في اعتبار التساوي في الكيل في أول الفصل السادس من كلام المصنف إن شاء الله تعالى وسأنبه على الامرين الآخرين اللذين أشرت إليهما إن شاء الله تعالى في محلها والله تعالى أعلم (فائدة) تقدم أن الأصح عند الشافعي رحمه الله تعالى أن البيع على عمومه الا ما خصه الدليل
(٢٣)