إذا أتلف على رجل ذهبا مصوغا فإن كان نقد البلد من غير جنس المتلف مثل أن يكون نقد البلد فضة والمتلف ذهبا فإنه يقوم بنقد البلد ولا يكون ربا وإن كان نقد البلد من جنس المتلف مثل أن يكون جميعا ذهبا أو يكون فضة فاختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال يقوم بغير جنسه وان لم يكن من نقد البلد فعلى هذا لا يصح ما قالوه ومن أصحابنا من قال يوم بنقد البلد وإن كان من جنس المتلف بالغا ما بلغت قيمته وان زادت على وزنه فعلى هذا يكون الفرق بين ضمان الاتلاف وضمان البيع من ثلاثة أوجه (أحدها) انه إذا بذل في مقابلة الذهب المصوغ أكثر من وزنه كانت الزيادة في مقابلة الصياغة والصياغة إنما هي تأليف بعض الذهب إلى بعض والتأليف لا يأخذ قسطا من الثمن ألا ترى أنه لو باع دارا مبنية بثمن معلوم ثم انهدمت قبل تسليمها إلى المشترى فان العقد لا ينفسخ ويقال للمشترى إما أن تأخذها بجميع الثمن أو تفسخ العقد وليس لك أن تسقط من الثمن جزءا لأجل زوال تأليف الدار فلم يصح قول مالك إن زيادة الثمن تكون في مقابلة الصياغة (والثاني) أنه لا يمتنع أن يجرى التفاضل في قيمة المتلف ولا يجرى في البيع ألا ترى أنه لو أراد أن يبيع درهما صحيحا بأكثر من درهم مكسر لم يجز ولو أتلف على رجل درهما صحيحا ولم يوجد له مثل فإنه يقوم بالمكسر وان بلغت قيمته أكثر من درهم ولا يكون ربا فدل على الفرق بين البيع والاتلاف (والثالث) أن الاتلاف قد يضمن به مالا يضمن بالبيع ألا ترى أن من أتلف حرا أو أم ولد لزمه قيمتها ولو باعها لم تصح ولم تجب عليه قيمتها فدل على الفرق بالضمانين وبطل اعتبار أحدهما بالآخر هذا كلام القاضي نقلته بلفظه لحسنه والله أعلم * (فرع) على تحريم التفاضل أيضا نقلت المالكية عن مالك أنه أجاز مبادلة الدنانير أو الدراهم الناقصة بالوازنة على وجه معروف يدا بيد كرجل دفع إلى أخ له ذهبا أو ورقا ناقصا أو طعاما مأكولا فقال له أحسن إلي أبدل هذا بأجود منه وأنفقه فيما ينفق قال الأبهري قال ذلك لأنه على وجه المعروف
(٨٦)