شريك لي بالكوفة دراهم بدراهم بينهما فضل فقلت ما أرى هذا يصلح فقال لقد بعتها في السوق فما عاب ذلك على أحد فأتيت البراء بن عازب فسألته فقال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وتحادثنا هكذا وقال ما كان يدا بيد فلا بأس وما كان نسيئا فلا خير فيه وأتى زيد بن أرقم فإنه كان أعظم تجارة مني فأتيته فذكرت ذلك فقال صدق البراء) قال الحميدي هذا منسوخ لا يؤخذ بهذا وهذا الاسناد من أصح الأسانيد فان رواته كلهم أئمة ثقات وقد صرح سفيان بأنه سمعه من عمرو فانتفت شبهة تدليسه ولكن سنذكر ما علل به فشرط الحكم بصحة الحديث سلامته من التعليل فنذكر الجواب عن كل واحد من الحديثين والله المستعان (أما) حديث أسامة فجوابه من خمسة أوجه يجمعها ثلاثة أنواع تأويل وادعاء نسخ وترجيح * واعلم أنه متى أمكن الأول لا يعدل إلى الثاني ومتى ثبت موجب الثاني لا يعدل إلى الثالث فاعتمد هذا في كل نصفين مختلفين ونحن نذكر الأوجه التي نقلت في الجواب منها وجهان تضمنهما كلام الشافعي رحمه الله فإنه قال في كتاب اختلاف الحديث بعد أن ذكر خبر أسامة وأخبار عبادة بن الصامت وأبي هريرة وأبى سعيد وعثمان بن عفان الدالة على التحريم ذكرها ثم قال فأخذنا بهذه الأحاديث التي توافق حديث عبادة وكانت حجتنا في أخذنا بها وتركنا حديث أسامة بن زيد إذ كان ظاهره يخالفها وقول من قال إن النفس على حديث الأكثر أطيب لأنهم أشبه أن يحفظوا من الأقل وكان عثمان بن عفان وعبادة بن الصامت أسن وأشد تقدم صحبة من أسامة وكان أبو هريرة وأبو سعيد الخدري أكثر حفظا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمنا من أسامة * (فان) قال قائل فهل يخالف حديث أسامة حديثهم (قيل) إن كان يخالفها فالحجة فيها دونه لما وصفنا (فان قال) فاني يرى هذا قيل الله أعلم قد يحتمل أن يكون سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الربا في صنفين مختلفين ذهب بفضة وتمر بحنطة قيل إنما الربا في النسيئة فحفظه فأدى قول النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤد مسألة السائل فكان ما أدى عند من سمع أن لا ربا إلا في النسيئة هذا جواب الشافعي رضي الله عنه وهو مشتمل على الترجيح والتأويل فهما جوابان يعنى انه إن كان حديث أسامة جوابا لمن سأل عن صنفين فهو موافق لبقية الأحاديث لا يخالفها * وان لم يكن كذلك وكان مخالفا لها فالعمل بالراجح متعين ورواية جماعة أرجح من رواية واحد ولم يجزم الشافعي رحمه الله
(٥١)