ثمانية ولكن أخشى أن يكون أحدهما غلطا على المنقول عنه أو يكون ذكر ذلك على سبيل التمسك ويكون مراده الأكثر كما ذكر غيره وبالجملة فيرجح الأكثر على الأقل فيما طريقه الاجتهاد ولا معنى له وكم من مسألة ذهب إليها الشافعي أو مالك أو أبو حنيفة ولم يوافقه عليها إلا الأقلون وكم من قليل على الحق وكثير على غيره (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) قال الشافعي رحمه الله عمن بحث معه قال لا أنظر إلى قليل من المتقين وانظر إلى الأكثر قال الشافعي (قلت) أفتصف القليل الذين لا ينظر إليهم أهم إن كانوا أقل من نصف الناس أو ثلثهم أو ربعهم قال لا أستطيع أن أحدهم ولكن الأكثر (قلت) العشرة أكثر من تسعة قال هؤلاء متقاربون (قلت) فحدهم بما شئت قال ما أقدر على أن أحدهم (قلنا) فكأنك أردت أن تجعل هذا القول مطلقا غير محدود فإذا وجد من يقول بقول اختلف فيه (قلت) عليه الأكثر وإذا أردت رد قول قلت هؤلاء الأقل أفترضى من غيرك مثل هذا الجواب * وطول الشافعي كثير في الكلام معه بما لا يحتمله هذا المكان ولا ضرورة تدعو إلى نقله وتمسكهم بالامر باتباع السواد الأعظم وأشباه ذلك كله لا دليل فيه وقد بين ذلك في أصول الفقه ويلزم هؤلاء أنه إذا اتفق نصف الأمة وانضاف إليهم واحد من النصف الآخر أن يوجبوا على الباقين اتباعهم قال القاضي عبد الجبار وهذا معلوم الفساد (وأما) من اعتبر عددا معينا كما حكى عن ابن جرير فعلى ما نقل عنه سليم لا أعلم له وجها يعول عليه في أن خلاف الثلاثة لا يقدح إن كأن يقول إن خلاف الأربعة بخلافه وبالضرورة نسبة الثلاثة من ثلاثة آلاف كنسبة الأربعة من أربعة آلاف وعلى ما نقله امام الحرمين وغيره من أن خلاف الثلاثة يقدح وما دونها لا يقدح فلا أعلم له وجها إلا ما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب بالجابية فقال (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي فيكم فقال أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يظهر الكذب فيحلف الرجل ولا يستحلف ويشهد ولا يستشهد فمن سره دخول الجنة فليلزم الجماعة فان الشيطان مع الفذ وهو من الاثنين أبعد) رواه الشافعي في كتاب الرسالة من حديث ابن سليمان بن يسار عن أبيه عن عمر ولم أعرف ابن سليمان هذا وهو حديث مشهور في السنن
(٤٤)