إلى انقراض الصحابة في سنة مائة من الهجرة والأعصار كلها متداخلة بعضها في بعض لا يوجد بين (1) منها دفعة واحدة فعدم اعتبار قول التابعي قول ضعيف لا معنى له والتابعون قد ثبت عنهم الاختلاف في هذه المسألة أعني ربا الفضل كما تقدم فالظاهر أن الخلاف في هذه المسألة إلى عصر التابعين لم ينقرض وهذا الذي يفهم من كلام الشافعي حيث حكي الخلاف عن الصحابة والتابعين وعول على الترجيح دون التمسك باجماع وقد تضمن كلام الشافعي في جماع العلم من الام أن ابن المسيب روى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الصرف شيئا واخذ به وله فيه مخالفون من الأمة فلا أدرى أيشير الشافعي إلى تحريم ربا الفضل أم لا فإن كان فهو مولد لثبوت الخلاف وقال الترمذي بعد أن ذكر مذهب ابن عباس ولذلك روى عن بعض أصحابه شئ من هذا وقد ادعى الشيخ أبو حامد الأسفرايني رحمه الله تعالى ان تحريم ربا الفضل قول التابعين أجمعين وقد عرفت ما فيه والله تعالى أعلم * (القسم الثالث) أن يدعى اجماع متأخر بعد انقراض المختلفين وذلك لا يمكن في أوائل عصر التابعين لما عرفت من قولهم به ومن جملة القائلين به عطاء بن رباح وقد توفى سنة خمس عشرة ومائة أو بعدها فان ادعى اجماع بعد ذلك اما من بقية التابعين واما ممن بعدهم فلا استحضر خلافا يرده ولكن الأصولين والأصحاب مختلفون في حكم ذلك فأصح الوجهين وهو الذي ذهب إليه أبو بكر الصيرفي وابن أبي هريرة وأبو علي الطبري وأبو حامد المروذي انه إذا اتفق التابعون على أحد قولي الصحابة لا تصير المسألة اجماعية ولا يحرم القول بالقول الآخر وهو مذهب أبي الحسن الأشعري وقال المصنف وأبو إسحاق انه قول عامة أصحابنا وقال سليم انه قول أكثر أصحابنا وأكثر الأشعرية وقال امام الحرمين ان ميل الشافعي إليه واختاره الغزالي وقال ابن برهان ذهب الشافعي رضي الله عنه إلى أن حكم الخلاف لا يرتفع وقال عبد الوهاب المالكي ليس عن مالك فيه شئ والجيد من مذهبه الذي كان يختاره شيخنا أبو بكر ان الخلاف باق وذهب إليه من الحنابلة القاضي وهو المرجح عندهم (والوجه الثاني) وبه قال أبو علي بن خيران وأبو بكر القفال والقاضي أبو الطيب ورجحه ابن الصباغ وأكثر أصحاب أبي حنيفة وكثير من المعتزلة كالجنائي وابنه واليه ذهب المجلسي من المتقدمين وأبو عبد الله بن الخطيب من المتأخرين وأبو الخطاب الحنبلي أنه يصير اجماعا لا تجوز مخالفته وهذا الخلاف مترتب على أن الميت هل له قول (فان قلنا) ان له قولا لم يكن اجماعا والا
(٤٩)