الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان. وحيث إن مذهب الزيدية في العلوم الشرعية لم يشتهر في الديار المصرية، فنقول:
من المقرر في علم الأصول والفروع الفقهية وما اتفق عليه الأئمة، ان من لم يقدر على الاجتهاد وأخذ الحكم الشرعي من الكتاب والسنة أو القياس، وجب عليه ان يقلد مجتهدا فيما يعلم به من شريعة ربه، وان يتخذه إماما له يقتدي به في ذلك. وان لكل مقلد عاجز عن الاجتهاد ان يقلد من شاء من المجتهدين الذين علم اجتهادهم ونقلت مذاهبهم بالأسانيد الصحيحة إما بطريق التواتر أو الشهرة أو الآحاد الموثوق بنقلهم وعدالتهم وعلو كعبهم في الرواية والدراية. ومن هذا القبيل (هذا المجموع) كما يظهر من الاطلاع على مقدمته التي ذكرت فيها رواته عن إمام الأئمة وحبر الأمة، تاج العلماء المجتهدين وقدوة الفضلاء العاملين، وحيد عصره وفريد دهره الإمام الشهيد زيد بن علي زين العابدين. وكيف لا يكون كذلك وهو من السلالة الطيبة الطاهرة في الدنيا والآخرة جلالة بيت النبوة والشجاعة والمروءة والفتوة. قد بلغ رضي الله عنه من العلوم العقلية والنقلية ما لا يبلغ غيره في عصره، ومن التقوى والزهد والورع وحميد السير والسيرة وصفاء الطوية والسريرة ما كاد يجعله في مصاف الاملاك، كيف وأبوه علي (زين العابدين) الذي اشتهرت مناقبه وعمت فضائله، وقال فيه القائل:
يغضي حياء ويغضي من مهابته * فلا يكلم الا حين يبتسم