الغلاء مع ضرورة المسلمين وحاجتهم وعدم وجود من يبذلهم قدر كفايتهم نعم مجرد حبس الطعام انتظارا لعلو السعر مع عدم ضرورة الناس ووجود الباذل ليس بحرام وإن كان مكروها، ولو حبسه في زمان الغلاء لصرفه في حوائجه لا للبيع فلا حرمة فيه ولا كراهة، والأقوى عدم تحققه إلا في الغلات الأربع والسمن والزيت، نعم هو أمر مرغوب عنه في مطلق ما يحتاج إليه الناس، لكن يثبت لغير ما ذكر أحكام الاحتكار، ويجبر المحتكر على البيع، ولا يعين عليه السعر على الأحوط، بل له أن يبيع بما شاء إلا أجحف، فيجبر على النزول من دون تسعير عليه، ومع عدم تعيينه يعين الحاكم بما يرى المصلحة.
مسألة 24 - لا يجوز مع الاختيار الدخول في الولايات والمناصب والأشغال من قبل الجائر وإن كان أصل الشغل مشروعا مع قطع النظر عن توليه من قبله، وحكومة البلاد الخراج، وجمع الزكاة، وتولي المناصب الجندية والأمنية، وحكومة البلاد ونحو ذلك فضلا عما كان غير مشروع في نفسه، كأخذ العشور والمكوس وغير ذلك من أنواع الظلم المبتدعة، نعم يسوغ كل ذلك مع الجبر والاكراه بالزام من يخشى من التخلف عن إلزامه على نفسه، أو عرضه أو ماله المعتد به إلا في الدماء المحترمة، بل في إطلاقه بالنسبة إلى تولي بعض أنواع الظلم كهتك أعراض طائفة من المسلمين ونهب أموالهم وسبي نسائهم وإيقاعهم في الحرج مع خوفه على عرضه ببعض مراتبه الضعيفة أو على ماله إذا لم يقع في الحرج، بل مطلقا في بعضها إشكال بل منع، ويسوغ خصوص القسم الأول - وهو الدخول في الولاية على أمر مشروع في نفسه - القيام بمصالح المسلمين وإخوانه في الدين، بل لو كان دخوله فيها بقصد الاحسان إلى المؤمنين ودفع الضرر عنهم كان راجحا، بل ربما بلغ الدخول في بعض المناصب