المقدمة السادسة ينبغي للمصلي إحضار قلبه في تمام الصلاة أقوالها وأفعالها، فإنه لا يحسب للعبد من صلاته إلا ما أقبل عليه، ومعناه الالتفات التام إليها وإلى ما يقول فيها، والتوجه الكامل نحو حضرة المعبود جل جلاله، واستشعار عظمته وجلال هيبته، وتفريغ قلبه عما عداه، فيرى نفسه متمثلا بين يدي ملك الملوك عظيم العظماء مخاطبا له مناجيا إياه، فإذا استشعر ذلك وقع في قلبه هيبة يهابه ثم يرى نفسه مقصرا في أداء حقه فيخافه، ثم يلاحظ سعة رحمته فيرجو ثوابه، فيحصل له حالة بين الخوف والرجاء، وهذه صفة الكاملين، ولها درجات شتى ومراتب لا تحصى على حسب درجات المتعبدين، وينبغي له الخضوع والخشوع، والسكينة والوقار، والزي الحسن والطيب والسواك قبل الدخول فيها والتمشيط، وينبغي أن يصلي صلاة مودع فيجدد التوبة والإنابة والاستغفار، وأن يقوم بين يدي ربه قيام العبد الذليل بين يدي مولاه، وأن يكون صادقا في مقالة " إياك نعبد وإياك نستعين " لا يقول هذا القول وهو عابد لهواه ومستعين بغير مولاه، وينبغي له أيضا أن يبذل جهده في التحذر عن موانع القبول من العجب والحسد والكبر والغيبة وحبس الزكاة وسائر الحقوق الواجبة مما هو من موانع القبول.
(١٥٥)