خاتمة:
الأمانة على قسمين: مالكية وشرعية، أما الأول فهو ما كان باستئمان من المالك وإذنه سواء كان عنوان عمله ممحضا في ذلك كالوديعة، أو بتبع عنوان آخر مقصود بالذات كما في الرهن والعارية والإجارة والمضاربة، فإن العين فيها بيد الطرف أمانة مالكية، حيث أن المالك قد سلمها إليه وتركها بيده من دون مراقبة منه، وجعل حفظها على عهدته.
وأما الثاني فهو ما لم يكن الاستيلاء عليها ووضع اليد باستئمان وإذن من المالك، وقد صارت تحت يده لا على وجه العدوان، بل إما قهرا كما إذا أطارتها الريح أو جاء بها السيل مثلا في ملكه ووقعت تحت يده، وإما بتسليم المالك لها بدون اطلاع منهما، كما إذا اشترى صندوقا فوجد فيه شيئا من مال البائع بدون اطلاعه أو تسلم البائع أو المشتري زائدا على حقهما من جهة الغلط في الحساب مثلا. وإما برخصة من الشرع كاللقطة والضالة وما ينتزع من يد السارق أو الغاصب للايصال إلى صاحبه، وكذا ما يؤخذ من الصبي أو المجنون من مالهما عند خوف التلف في أيديهما حسبة للحفظ، وما يؤخذ مما كان في معرض الهلاك والتلف من الأموال المحترمة كحيوان معلوم المالك في مسبعة أو مسيل ونحو ذلك، فإن العين في جميع هذه الموارد تكون تحت يد المستولي عليها أمانة شرعية يجب عليه حفظها وإيصالها في أول أزمنة الامكان إلى صاحبها ولو مع عدم المطالبة، وليس عليه ضمان لو تلفت في يده إلا مع التفريط أو التعدي كالأمانة المالكية، ويحتمل عدم وجوب إيصالها وكفاية إعلام صاحبها بكونها عنده والتخلية