ثم إن قوله من لا ولي له في المرسلة المذكورة ليس مطلق من لا ولي له، بل المراد عدم الملكة. يعني أنه ولي من من شأنه، بحسب شخصه، أو صنفه، أو نوعه، أو جنسه فيشمل الصغير الذي مات أبوه والمجنون بعد البلوغ، والغائب، والممتنع، والمريض، والمغمى عليه، والميت الذي لا ولي له، وقاطبة المسلمين إذا كان لهم ملك كالمفتوح عنوة. والموقوف عليهم في الأوقاف العامة، ونحو ذلك. لكن يستفاد من ما لم يكن يستفاد من التوقيع المذكور: وهو الأذن في فعل كل مصلحة لهم، فيثبت به مشروعية ما لم يثبت مشروعيته بالتوقيع المتقدم، فيجوز له القيام بجميع مصالح الطوائف، المذكورين {1} نعم ليس له فعل شئ لا يعود مصلحته إليهم، وإن كان ظاهر الولي يوهم ذلك، إذ بعد ما ذكرنا من أن المراد بمن لا ولي له من شأنه أن يكون له ولي، يراد به كونه ممن ينبغي أن يكون له من يقوم بمصالحه، لا بمعنى أنه ينبغي أن يكون عليه ولي، له عليه ولاية الاجبار بحيث يكون تصرفه ما ضيا عليه.
والحاصل أن الولي المنفي: هو الولي للشخص لا عليه، فيكون المراد بالولي المثبت ذلك أيضا، فمحصله: إن الله جعل الولي الذي يحتاج إليه الشخص، و ينبغي أن يكون له هو السلطان، فافهم.
وإن كان مصداقه الكامل إلا أن للفقيه أيضا السلطنة على غيره، وهو الحاكم المنفذ الحكم كما مر، فمقتضى اطلاق الخبر هو جعل الولاية له أيضا.
{1} وتقريب الاستدلال بالخبر: أنه يدل على ثبوت الولاية على من لا ولي له، و من شأنه أن يكون له ولي لمن له السلطنة، ولازم جعل الولاية هو جواز كل تصرف متعلق به أو بماله كان جائزا له لو كان مالكا لأمره فيجوز للحاكم الشرعي أن يزوج المجنون الذي لا ولي له، وأن يزوج المجنونة.
فإن قيل: إنه ضعيف السند للارسال.
أجبنا عنه بأن صاحب الجواهر قدس سره في كتاب النكاح قال: إن هذه القاعدة استغنت عن الجابر في خصوص الموارد نحو غيرها من القواعد. والظاهر أنه كذلك، فإن الفقهاء في باب النكاح يصرحون بأن أحد الأولياء السلطان، والظاهر أن هذا التعبير منهم من باب تبعية هذا النص، فلا اشكال في الخبر سندا ودلالة.