وما عن المصباح من أن طرب في صوته رجعه ومده.
وفي القاموس الغناء ككساء من الصوت ما طرب به وأن التطريب الاطراب كالتطرب والتغني قال قدس سره فيحصل من ذلك أن المراد بالتطريب والاطراب غير الطرب بمعنى الخفة لشدة حزن أو سرور، كما توهمه صاحب مجمع البحرين وغيره من أصحابنا فكأنه قال في القاموس الغناء من الصوت ما مد وحسن ورجع فانطبق على المشهور إذ الترجيع تقارب ضروب حركات الصوت والنفس فكان لازما للاطراب والتطريب، (انتهى كلامه).
وفيه أن الطرب إذا كان معناه على ما تقدم من الجوهري والزمخشري هو ما يحصل للانسان من الخفة لا جرم يكون المراد بالاطراب والتطريب ايجاد هذه الحالة وإلا لزم الاشتراك اللفظي مع أنهم لم يذكروا للطرب معنى آخر ليشتق منه لفظ التطريب والاطراب مضافا إلى ما ذكر في معنى التطريب من الصحاح والمصباح إنما هو للفعل القائم بذي الصوت لا الاطراب القائم بالصوت، وهو المأخوذ في تعريف الغناء عند المشهور دون فعل الشخص فيمكن أن يكون معنى تطريب الشخص في صوته ايجاد سبب الطرب بمعنى الخفة بمد الصوت وتحسينه وترجيعه كما أن تفريح الشخص ايجاد سبب الفرح بفعل ما يوجبه، فلا ينافي ذلك ما ذكر في معنى الطرب، و كذا ما في القاموس من قوله ما طرب به يعني ما أوجد به الطرب مع أنه لا مجال لتوهم كون التطريب بمادته بمعنى التحسين والترجيع إذ لم يتوهم أحد كون الطرب بمعنى الحسن والرجوع أو كون التطريب هو نفس المد، فليست هذه الأمور إلا أسبابا للطرب يراد من ايجاده فعل هذه الأسباب.
هذا كله مضافا إلى عدم امكان إرادة ما ذكر من المد والتحسين والترجيع من الطرب في قول الأكثر إن الغناء مد الصوت المشتمل على الترجيع المطرب كما لا يخفى مع أن مجرد المد والترجيع والتحسين لا يوجب الحرمة قطعا لما مر وسيجئ فتبين من جميع ما ذكرنا أن المتعين حمل المطرب في تعريف الأكثر للغناء على الطرب بمعنى الخفة وتوجيه كلامهم بإرادة ما يقتضي الطرب ويعرض له بحسب وضع نوع ذلك الترجيع، وإن لم يطرب شخصه لمانع من غلظة الصوت ومج الأسماع له، ولقد