منهاج الفقاهة - السيد محمد صادق الروحاني - ج ١ - الصفحة ٣٤
نعم يمكن أن يقال: قوله صلى الله عليه وآله وسلم إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه، وكذلك الخبر المتقدم عن دعائم الاسلام، يدل على أن ضابطة المنع تحريم الشئ اختيارا، وإلا فلا حرام إلا وهو محلل عند الضرورة والمفروض حرمة شرب الأبوال اختيارا، والمنافع الأخر غير الشرب لا يعبأ بها جدا، فلا ينتقض بالطين المحرم أكله، فإن المنافع الأخر للطين أهم وأعم من منفعة الأكل المحرم، بل لا يعد الأكل من منافع الطين، فالنبوي دال على أنه إذا حرم الله شيئا بقول مطلق، بأن قال يحرم الشئ الفلاني حرم بيعه، لأن تحريم عينه إما راجع إلى تحريم جميع منافعه أو إلى تحريم أهم منافعه الذي يتبادر عند الاطلاق، بحيث يكون غيره غير مقصود منه، وعلى التقديرين يدخل الشئ لأجل ذلك، فيما لا ينتفع به منفعة محللة مقصودة، والطين لم يحرم كذلك بل لم يحرم إلا بعض منافعه الغير المقصودة منه وهو الأكل بخلاف الأبوال، فإنها: حرمت كذلك، فيكون التحريم راجعا إلى شربها وغيره من المنافع في حكم العدم. وبالجملة فالانتفاع بالشئ حال الضرورة منفعة محرمة في حال الاختيار لا يوجب جواز بيعه {1}.
____________________
وبالجملة: بعد كون مناط المالية رغبات الناس بلحاظ حاجاتهم إليها على حسب الحالات والأزمنة، الفرق بين الأبوال والأدوية والعقاقير واضح.
{1} وقد يستدل لعدم جواز بيعها: بأن النبوي المتقدم: إنه إذا حرم الله شيئا حرم ثمنه. يدل على عدم جواز بيع ما حرم اختيارا وإلا فلا حرام إلا وهو محلل عند الضرورة، والمفروض حرمة شرب الأبوال اختيارا.
ولكن قد عرفت ضعف سند النبوي وعدم صلاحيته للاعتماد عليه، فلا بد من الرجوع إلى القواعد، وهي تقتضي فساد بيع ما لا يكون له منفعة محللة، وصحة بيع ما له منفعة كذلك كما سيأتي تنقيح القول في ذلك في النوع الثالث مما يكتسب به، وعليه فيجوز بيع كل ماله منفعة جائزة حين جوازها ولو كان ذلك حين الاضطرار، إذا أهل العرف يرونه في حال الاضطرار مالا لرغبتهم إليه بلحاظ الحاجة ويبذلون المال بإزائه.
(٣٤)
مفاتيح البحث: الأكل (4)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست