دراهم، ومن النخل ثمانية دراهم، ومن قصب السكر ستة دراهم، ومن الرطبة خمسة دراهم، ومن البر أربعة دراهم، ومن الشعير درهمين وكتب بذلك إلى عمر فأمضاه. عمل في نواحي الشام على غير هذا.
وكذلك يجب أن يكون واضع الخراج بعده يراعي في كل أرض ما تحتمله، فإنها تختلف من ثلاثة أوجه يؤثر كل واحد منها في زيادة الخراج ونقصانه: أحدها:
ما يختص بالأرض من جودة يزكو بها زرعها أو رداءة يقل بها ريعها. والثاني:
ما يختص بالزرع من اختلاف أنواعه من الحبوب والثمار. والثالث: ما يختص بالسقي والشرب. فلابد لواضع الخراج من اعتبار ما وصفناه من الأوجه الثلاثة: من اختلاف الأرضين واختلاف الزروع واختلاف السقي ليعلم قدر ما تحمله الأرض فيقصد العدل من غير إجحاف بأهل الخراج ولا نقصان يضر بأهل الفيء. ومن الناس من اعتبر شرطا رابعا وهو قربها من البلدان والأسواق وبعدها لزيادة أثمانها ونقصانها.
ولا يستقصي في وضع الخراج غاية ما يحتمله، وليجعل فيه لأرباب الأرض بقية يجبرون بها النوائب والحوائج. حكي أن الحجاج كتب إلى عبد الملك بن مروان يستأذنه في أخذ الفضل من أموال السواد فمنعه من ذلك وكتب إليه: لا تكن على درهمك المأخوذ أحرص منك على درهمك المتروك، وأبق لهم لحوما يعقدون بها شحوما. " (1) انتهى ما أدرنا نقله من كلام الماوردي في الخراج ملخصا.
أقول: يشبه أن يكون الخرج والخراج مأخوذين من الخروج، حيث إن غلة الشيء وعائدته كأنهما تخرجان من هذا الشيء.
وما رواه الماوردي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قوله: " الخراج بالضمان " قد رواه أرباب السنن، منهم أبو داود في البيوع بأسانيد عن عائشة. ومتن الحديث في أحدها هكذا:
إن رجلا ابتاع غلاما فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم، ثم وجد به عيبا، فخاصمه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرده عليه فقال الرجل: يا رسول الله، قد استغل غلامي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " الخراج بالضمان. " (2)