وأمراؤهم مع أهل الكتاب.
ففيما كتبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأهل نجران: " ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أموالهم وأنفسهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير. لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا كاهن من كهانته، وليس عليه دنية (وليس عليهم ربية - الوثائق) ولا دم جاهلية ولا يخسرون ولا يعسرون (ولا يحشرون ولا يعشرون - الوثائق) ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين... " (1) أقول: قوله: " لا يحشرون " أي لا يندبون إلى المغازي ولا تضرب عليهم البعوث. قيل: لا يجلون من أوطانهم و " لا يعشرون " أي لا يؤخذ منهم العشر. هذا.
ولما صالح أبو عبيدة بن الجراح أهل بلاد الشام ثم تتابعت الأخبار عليه بأن الروم قد جمعوا لهم جمعا لم ير مثله اشتد ذلك عليه وعلى المسلمين فكتب إلى كل وال ممن خلفه في المدن التي صالح أهلها يأمرهم أن يردوا عليهم ما جبي منهم من الجزية الخراج، وكتب إليهم أن يقولوا لهم: إنما رددنا عليكم أموالكم لأنه قد بلغنا ما جمع لنا من المجموع وأنكم اشترطتم علينا أن نمنعكم وأنا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم، ونحن لكم على الشرط وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم. فلما قالوا ذلك لهم وردوا عليهم الأموال التي جبوها منهم، قالوا: ردكم الله علينا ونصركم عليهم، فلو كانوا هم لم يردوا علينا شيئا وأخذوا كل شيء بقي لنا حتى لا يدعوا لنا شيئا. (2) ومقدار الجزية قليل ضئيل بالنسبة إلى ما يلتزم به المسلمون ويضرب عليهم من الزكوات والأخماس وإعداد وسائل الجهاد والخدمات العسكرية وغيرها، فكيف يسمون هذه عقوبة.
وفي كتاب آثار الحرب للدكتور وهبة الزحيلي قال:
" والجزية ليست من مبتدعات الإسلام، وإنما كانت مقررة عند مختلف الأمم التي