لما مر من الأخبار الكثيرة الواردة في حرب الجمل وصفين التي ربما يحصل القطع بصدور بعضها إجمالا.
فإن قلت: يعارض هذه الأخبار ما دلت على حرمة اغتنام أموالهم مطلقا، وقد مر بعضها ومنها صحيحة زرارة السابقة، عن أبي جعفر (عليه السلام): " لولا أن عليا (عليه السلام) سار في أهل حربه بالكف عن السبي والغنيمة للقيت شيعته من الناس بلاء عظيما. الحديث. " (1) قلت: الأخبار المطلقة المانعة تحمل على الأخبار المفصلة بين ما حواها العسكر ما لم يحوها، فلا حظ خبر الدعائم الذي مر، حيث قال: " روينا عن علي (عليه السلام) أنه لما هزم أهل الجمل جمع كل ما أصابه في عسكرهم مما أجلبوا به عليه فخمسه قسم أربعة أخماسه على أصحابه ومضى، فلما صار إلى البصرة قال أصحابه:
يا أمير المؤمنين، اقسم بيننا ذراريهم وأموالهم. قال: ليس لكم ذلك. الحديث. " (2) فهم مع قسمة ما حواها العسكر بينهم استدعوا قسمة الذراري والأموال، وأجابهم - عليه السلام - بالمنع وأنه ليس لهم ذلك. فيظهر بذلك أن الأموال الممنوع تقسيمها هي ما لم يحوها العسكر، وأما ما حواها العسكر فكان جواز قسمتها مفروغا عنه. وردها في الجمل بعد ذلك وقع امتنانا، ولعله (عليه السلام) جبر ذلك لأصحابه من بيت المال.
فإن قلت: كما دلت الروايات على وقوع التقسيم إجمالا في حرب البصرة فقد دلت على رد الأموال أيضا منا وعفوا، وقد مر أنه يظهر من الأخبار أن المن منه (عليه السلام) كان حكما ولائيا مستمرا في جميع زمان الهدنة إلى قيام القائم (عليه السلام)، كما في السبي الأموال التي لم يحوها العسكر، فراجع ما حكيناه في المقام عن صاحب الجواهر.
قلت: شمول أخبار المن المستمر للأموال التي حواها العسكر غير معلوم، فيؤخذ