بين شيئين: إما أن يقتله، أو يقطع يديه ورجليه ويتركه حتى ينزف. وأسير يؤخذ بعد أن تضع الحرب أوزارها، فهو مخير بين ثلاثة أشياء: المن والاسترقاق والمفاداة.
وقال الشافعي: هو مخير بين أربعة أشياء: القتل والمن والمفاداة والاسترقاق، لم يفصل.
وقال أبو حنيفة: هو مخير بين القتل والاسترقاق، دون المن والمفاداة.
وقال أبو يوسف ومحمد: هو مخير بين القتل والاسترقاق والمفاداة على الرجال دون الأموال. وأجمعوا كلهم على أن المفاداة على الأموال لا تجوز، أعني أهل العراق.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير. ويدل على جواز المن قوله - تعالى -: " فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق، فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها. " ومن ادعى نسخ هذه الآية فعليه الدلالة.
وروى الزهري، عن جبير بن مطعم، عن أبيه (محمد بن جبير، عن أبيه - البخاري)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في أسارى بدر: " لو كان مطعم بن عدي حيا وكلمني في هؤلاء السبي لأطلقتهم. " (في هؤلاء النتنى لتركتهم له - البخاري.) فأخبر أنه لو كان مطعم حيا لمن عليهم، لأنه كان له عنده يد لو سأله في أمرهم لأطلقهم. فدل على جواز المن.
وروى أبو هريرة: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث سرية قبل نجد، فأسروا رجلا يقال له ثمامة بن أثال الحنفي سيد يمامة فأتوا به وشدوه إلى سارية من سواري المسجد، فمر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ما عندك؟ يا ثمامة! فقال: خير، إن قتلت قتلت ذا رحم (ذا دم خ. ل)، وإن مننت مننت (وإن أنعمت أنعمت خ. ل) على شاكر، وإن أردت مالا فاسأل تعط ما شئت. فتركه ولم يقل شيئا. فمر به اليوم الثاني فقال له مثل ذلك، فمر به اليوم الثالث فقال له مثل ذلك ولم يقل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا، ثم قال: أطلقوا ثمامة. فأطلقوه فمر اغتسل وجاء فأسلم، وكتب إلى قومه فجاؤوا مسلمين. وهذا نص في جواز المن، لأنه أطلقه من غير شيء.
وروي أن أبا عزة الجهني (الجمحي خ. ل) وقع في الأسر يوم بدر، فقال: يا محمد،