وآية سورة الأنفال على ما قالوا يرتبط بقصة البدر. ويظهر من الأخبار والسير أن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اختلف أنظارهم في قتل أسارى بدر أو أخذ الفداء منهم، النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يكره أخذ الفداء:
ففي سورة الأنفال من تفسير علي بن إبراهيم:
" فلما قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) النضر وعقبة خافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلهم فقاموا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا: يا رسول الله، قد قتلنا سبعين وأسرنا سبعين وهم قومك وأساراك، هبهم لنا يا رسول الله وخذ منهم الفداء وأطلقهم... " (1) وفي كنز العرفان:
" روي ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يكره أخذ الفداء، ولما رأى سعد بن معاذ كراهته في وجهه قال: يا رسول الله، هذا أول حرب لقينا فيه المشركين أردت أن تثخن فيهم القتل حتى لا يطمع أحد منهم في خلافك وقتالك، فقال: كرهت ما كرهت، ولكن رأيت ما صنع القوم.
واستدل جماعة من مخالفينا كأحمد بن حنبل وغيره بهذه القصة على جواز الاجتهاد على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن أخذ الفداء لم يكن بالوحي وإلا لما أنكره الله. الجواب:
جاز أنه كان مخيرا بين القتل والفداء، وكان القتل أولى والعتاب على تركه. " (2) هذا.
وكيف كان فنساء الكفار وصبيانهم لا تقتل بلا خلاف ولا إشكال، بل تسبى يكون حكمها حكم الغنائم التي تنقل: يقسمها الإمام بعد التخميس. نعم، لو أقد من على القتال جاز قتالهن وأما الرجال المقاتلون منهم إذا أسروا فقد فصل فيهم فقهاؤنا بين ما إذا أسروا الحرب قائمة وبين ما إذا أسروا بعد ما وضعت الحرب أوزارها. وفتاوى فقهاء السنة خالية من هذا التفصيل. نعم، لهم خلاف في حكم الأسارى البالغين.