أقول: ثبوت الحجية لمطلق الظن ولا سيما إذا كان في قباله أمارة معتبرة كاليد المدعية للملك أو المتصرفة تصرف الملاك في أموالهم ممنوع. نعم، إذا بلغ حد الوثوق وسكون النفس بحيث لا يعتني العقلاء باحتمال خلافه فالظاهر حينئذ حجيته ويعد هذا علما عاديا. وكثيرا ما يحصل ذلك من استفاضة نقل المؤرخين بل من نقل مؤرخ واحد إذا كان ثقة ثبتا. وبناء العقلاء في جميع مراحل الحياة على العمل بالوثوق سكون النفس، ولا يلتزمون بتحصيل العلم بنحو المأة في المأة، والتشكيك في ذلك يعد وسواسا.
وأما استقرار السيرة على العمل بقول أهل الخبرة في كل فن، فإن أريد بذلك تعبد العقلاء به عملا وإن لم يحصل لهم وثوق بصدقه نظير ما نلتزم به في حجيته البينة شرعا، ففيه أن الظاهر عدم وجود الحجية التعبدية عند العقلاء بما هم عقلاء. وحجية البينة شرعا إنما ثبتت بالروايات الدالة عليها تعبدا.
وإن أريد به أخذهم به بعد ما حصل لهم الوثوق بقوله كما هو الغالب، فهو الذي أشرنا إليه من كونه علما عاديا عندهم. فإذا رجع شخص إلى الطبيب وحصل له الوثوق وسكون النفس برأيه وتشخيصه أخذ به وإلا رجع إلى طبيب آخر أو شورى طبية، اللهم إلا أن يعمل به رجاء واحتياطا إذا أن الضرر والخطر من ناحيته.
ثم لو فرض وجود التعبد عند العقلاء وجواز الأخذ بسيرتهم في ذلك فيجب أن يتصل السيرة في كل شيء بخصوصه إلى عصر الأئمة (عليهم السلام) حتى ينكشف إمضاؤهم لها، ولم يثبت استقرار السيرة على العمل بقول اللغوي أو المؤرخ في أعصارهم. ولا يكفي تحقق السيرة في بعض الأمور في أعصارهم لإثبات حجية ما لم يثبت استقراره في أعصارهم، فتدبر.
الثالثة: وأما ما ذكر من إثبات كون الأرض خراجية بضرب الخراج عليها من السلطان الجائر وأخذه منها حملا لتصرف المسلم على الصحة، ففيه أنه إن أريد بفعل المسلم تصرف الجائر بأخذ الخراج فلا ريب أن تصرفه وأخذه حرام وإن علم