وقال الشهيد في المسالك:
" ويثبت كونها مفتوحة عنوة بنقل من يوثق بنقله، واشتهاره بين المؤرخين. وقد عدوا من ذلك مكة المشرفة وسواد العراق وبلاد خراسان والشام. وجعل بعض الأصحاب من الأدلة على ذلك ضرب الخراج من الحاكم وإن كان جابرا، وأخذ المقاسمة من ارتفاعها، عملا بأن الأصل في تصرفات المسلمين الصحة، وكونها عامرة وقت الفتح بالقرائن المفيدة للظن المتاخم للعلم كتقادم عهد البلد واشتهار تقدمها على الفتح، وكون الأرض مما يقضي القرائن المذكورة بكونها مستعملة في ذلك الوقت لقربها من البلد وعدم المانع من استعمالها عادة ونحو ذلك مما لا يضبطه إلا الأمارات المفيدة للعلم أو ما يقاربه. " (1) أقول: ههنا نكات ومناقشات ينبغي الإشارة إليها:
الأولى: أن ما في كلام الشيخ من الثبوت بشهادة العدلين يمكن أن يورد عليه بأنهما إن شهدا على السماع من بينة سابقة عليهما، والسابقة أيضا على السماع من سابقتها، وهكذا إلى زمان الواقعة فلا إشكال في حجيتها، ولكن تحقق مثلها مقطوع العدم.
وأما الشهادة المستندة إلى ما في التواريخ أو ما على الأفواه أو غيرهما من الأمارات الظنية فيشكل الاعتماد عليها بعد عدم الاعتماد على مستنداتها. والحاصل أنه يعتبر في الشهادة المعتبرة أن تكون عن حس لا عن حدس واجتهاد.
الثانية: قد يقال: إن الاشتهار بين المؤرخين إن أفاد العلم فلا إشكال في حجيته، ولكن يبعد جدا تحقق ذلك مع كثرة الاختلاف بينهم، وتأخر زمانهم عن الحوادث، ابتناء أكثر آرائهم على الحدسيات والنقليات الضعيفة. وأما إن أورث الظن فقط فلا دليل على حجيته. هذا.