عمر بن الخطاب جيش العراق من قبل سعد بن أبي وقاص شاور أصحاب محمد بن تدوين الدواوين...
وشاورهم في قسمة الأرضين التي أفاء الله على المسلمين من أرض العراق الشام، فتكلم قوم فيها وأرادوا أن يقسم لهم حقوقهم وما فتحوا. فقال عمر:
فكيف بمن يأتي من المسلمين فيجدون الأرض بعلوجها قد اقتسمت وورثت عن الآباء وحيزت؟ ما هذا برأي... فإذا قسمت أرض العراق بعلوجها وأرض الشام بعلوجها فما يسد به الثغور، وما يكون للذرية والأرامل بهذا البلد وبغيره من أرض الشام والعراق؟ فأكثروا على عمرو قالوا: أتقف ما أفاء الله علينا بأسيافنا على قوم لم يحضروا ولم يشهدوا...
ورأى عثمان وعلى وطلحة وابن عمر رأي عمر. فأرسل إلى عشرة من الأنصار:
خمسة من الأوس وخمسة من الخزرج من كبرائهم وأشرافهم، فلما اجتمعوا حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال:... وقد رأيت أن أحبس الأرضين بعلوجها وأضع عليهم فيها الخراج وفي رقابهم الجزية يؤدونها فتكون فيئا للمسلمين: المقاتلة والذرية ولمن يأتي من بعدهم. أرأيتم هذه الثغور لابد لها من رجال يلزمونها، أرأيتم هذه المدن العظام - كالشام والجزيرة والكوفة والبصرة ومصر - لابد لها من أن تشحن بالجيوش وإدرار العطاء عليهم، فمن أين يعطى هؤلاء إذا قسمت الأرضون والعلوج؟
فقالوا جميعا: الرأي رأيك، فنعم ما قلت وما رأيت، إن لم تشحن هذه الثغور وهذه المدن بالرجال وتجري عليهم ما يتقوون به رجع أهل الكفر إلى مدنهم. فقال: قد بان لي الأمر رجل له جزالة وعقل يضع الأرض مواضعها، ويضع على العلوج ما يحتملون؟ فاجتمعوا له على عثمان بن حنيف وقالوا: تبعثه إلى أهم ذلك، فإن له بصرا وعقلا وتجربة، فأسرع إليه عمر فولاه مساحة أرض السواد، فأدت جباية سواد الكوفة قبل أن يموت عمر بعام مأة ألف ألف درهم. والدرهم يومئذ درهم ودانقان نصف، وكان وزن الدرهم يومئذ وزن المثقال... " (1)