بالنسخ تبيين مصرف الغنائم إجمالا في آية الخمس بالتخميس والتقسيم بعد ما كان غير مبين في الأخرى. وإن شئت قلت: إن النسبة بين الآيتين نسبة المجمل والمبين لا نسبة المنسوخ والناسخ، فتدبر.
فإن قلت: في مرسلة الوراق عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام. وإذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس. " (1) ومفاد هذه المرسلة يختلف عما تقول من كون الغنيمة من الأنفال وكونها للإمام، إذ التفصيل دليل التفاوت وقد أفتى بمضمونها الأصحاب.
قلت: نحن لا نأبى وجود تفاوت ما بين الغنيمتين بعد اشتراكهما في كونهما تحت اختيار الإمام، إذ لا تخميس ولا تقسيم فيما إذا كان الغزو بغير إذن الإمام لعدم احترام عمله بعد اشتراط الغزو بإذنه. وأما فيما وقع بإذنه فينفل منها ويتصرف فيها حسب المصالح الملزمة أو الراجحة وإن استوعبتها، فإن بقي منها شيء وجب التخميس ثم التقسيم، حيث إنها جلب أسيافهم، فلهم نحو اختصاص بها بعد ما كان الغزو بإذن الإمام، فهذا هو الفارق كما مر. والإمام هو المتصدي لهما، فتدبر.
فإن قلت: في رواية حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قوله: " قلت: فهل يجوز للإمام أن ينفل؟ فقال: له أن ينفل قبل القتال، فأما بعد القتال والغنيمة فلا يجوز ذلك لأن الغنيمة قد أحرزت. " (2) قلت: النفل كان يطلق غالبا على جعل يجعله الإمام لسرية تغير على العدو زائدا على سهامها في الغنيمة، أو لمن يدله على مصلحة كسهولة طريق أو ماء في مفازة أو موضع فتح القلعة أو مال يغتنم أو عدو يغار عليه أو ثغر يدخل منه،